تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مسألة الدرع الصاروخية التي يريد الناتو نشرها حماية لأوروبا من أي خطر محتمل كخطر السلاح النووي الإيراني أو خطر أي جماعات إسلامية .... إلخ، وقد وقع الاختيار على تركيا لنشر الدرع على أراضيها، وهو ما أثار حفيظة دول ترتبط بتركيا بجوار قريب كإيران أو بعيد كروسيا فضلا عما يجمعها من مصالح مشتركة، واستدعى ذلك تأكيد تركيا، وهي عضو في الناتو، وذلك من الأمر الواقع المفروض على القيادة السياسية التركية فذلك مما ورثته من تركة العلمانية السياسية ومما يقوي شوكة المؤسسة العسكرية العلمانية المتطرفة التي تناطحها وتسعى في السر والعلن لإسقاطها لتوجهها الإسلامي الظاهر، وإن لم يكن التوجه الإسلامي الخالص الذي ينشده المسلمون، فاستدعى ذلك تأكيد تركيا من باب التعامل مع الأمر الواقع على أحقيتها في التحكم في الدرع لأنه سينشر على أراضيها فمقتضى السيادة أن يكون الأمر والنهي بيد صاحب الدار.

واستدعى ذلك، أيضا، حضور الرئيس الروسي لبحث هذا الأمر الذي يقلق روسيا التي اخترق الناتو خطوطها الدفاعية فضم دولا لصيقة لها، فذلك تهديد للأمن القومي الروسي، وبعض الفضلاء يشير إلى تخوف روسي من الوجود الأمريكي والأطلسي في وسط آسيا التي تعد منطقة نفوذ روسية، وهو ما يجعل روسيا، وإن اختلفت مع حركة طالبان قلبا وقالبا، تمد الحركة بالسلاح من طرف خفي ولو بيعا وشراء، فذلك من قبيل رد الصفعة لأمريكا التي ساندت الجهاد الأفغاني الذي قوض أركان الإمبراطورية السوفييتية، فضلا عن تعاون الحركة مع جهات أخرى تخشى من النفوذ الأمريكي المتزايد في هذه المنطقة الحيوية من العالم، فلإيران، مع الخلاف العقدي والمنهجي الكامل، مع الطالبان، لإيران مصلحة في بقاء طالبان قوية وإن لم يكن لها مصلحة في تمكينها من الحكم فهي التي سعت باعتراف رءوسها إلى إسقاطها بالتآمر مع الشيطان الأعظم!، وللصين التي لا دين لها أصلا، مصلحة عظمى في دحر أمريكا فهي القطب الصاعد الآن، وبقاء أمريكا على مقربة من حدودها يثير انزعاجها، ولباكستان المسلمة، مع تخاذل قيادتها من لدن مشرف إلى زرداري، لباكستان لا سيما الجيش، مصلحة عظمى في بقاء طالبان، لا سيما بعد تحيز أمريكا الكامل لعدوتها اللدود الهند في زيارة أوباما الأخيرة، بعد كل ما قدمته القيادة الباكستانية من تنازلات!، وتلك سنة أمريكا مع حلفائها التكتيكيين، كما تسميهم هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية، وهو اسم مهذب، فوصفهم الصحيح وصف: الأذناب!، فقد يكون هذا أيضا مما يجعل باكستان تمد الطالبان بالسلاح من طرف خفي، فيكون ذلك، أيضا، من باب رد الصفعة لأمريكا، ومن باب إحداث توازن في القوى بين الباكستان والهند، فطالبان من أعداء الهند، وبقاؤها مصدر قلق وإزعاج يفيد الباكستان في صراعها التاريخي مع الهند.

وعلى كل من يجاهد هناك بإرادة خالصة ناصحة أن ينظر في مثل هذه التحالفات البينية المؤقتة، فهي شبكة معقدة تتداخل فيها مصالح كثير من القوى ويلزم للنظر فيها بعين السداد، سؤال الرب، جل وعلا، التوفيق والرشاد، ثم النظر بعين المصلحة الشرعية الحقيقية لا المتوهمة فقد نظرت دول المنطقة في مصالح متوهمة فألبستها لباس الشرعية وتوسعت في العمل بها حتى سوغ ذلك صورا من العدوان الصارخ على المسلمين كما قد وقع لأهل العراق وغزة، فحسابات السياسة عند قيادات كثيرة غير حسابات الدين، فلا دين في السياسة ولا سياسة في الدين، والسياسة لا تكون ناجحة إلا إذا كانت برجماتية لا تقيم وزنا إلا للمصلحة المادية ولو أهدرت أو أولت من أجلها الأحكام الشرعية!.

ولا شك أن كثيرا منا لا يدري شيئا، عن حقيقة الأوضاع في تلك البؤر المشتعلة فربما أصدر حكما انفعاليا بالتاييد المطلق أو نقيضه من المعارضة المطلقة، وتلك مئنة من التعجل في إصدار الأحكام برسم العاطفة دون ترو يعمل فيه العقل نظرا في وجوه المصالح والمفاسد الشرعية، ولا يقدر على ذلك إلا من أحاط بهذا الشأن، فعين القدر عنده مبصرة بالظروف والملابسات التي تحيط بهذه التجارب وما يكتنفها من صعوبات وما تتعرض له من مضايقات تصل إلى حد الاستئصال العام في بعض الأمصار فيصبح الاجتماع لتدارس آي الكتاب العزيز جريمة تمس أمن البلاد، كما في بعض الأمصار الآن، فلا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير