تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فينبغي لطالب العلم إن سُئل سؤالاً لا يعرف جوابَه أن يقول: لا أدري،أو الله اعلم،أو لم أسمع به من قبل، أو لم أقف عليه ولا علم لي فيه،أو لا أعرف ما الراجح فيه؛ إن كان مما يُعلم أن فيه قولان، وليحذر من القول بلا علم، فإنها أمانةٌ سيُسأل عنها يوم الدين، وقد رد النبيصلى الله عليه وسلم بلا أدري في عدة مواطن حتى استبان له الحكم، وحذَّره الله تعالى من ذلك بقوله (ولا تقفُ ما ليس لك به علم)، قال النووي: قول العالم (لا أدري) لا تضع منزلته، بل هو دليلٌ على عِظَمِ محلّه وتقواه، وقد ذكر الشيخ السعدي عدة فوائد لمن قال (لاأدري) منها: يُبرِأ ذمتَه إذ هو الواجب عليه، يكتسب الناس ثقته،يبحثُ هو في جواب المسألة، وغيرها ..

§ مجلس العلم:

ذكر ابن جماعة: أن الطالب يجلس أمام شيخه جلسة المؤدَّب، أو متربعاً بتواضع وخشوع، ينظر إلى الشيخ متعقِّلاً قوله، ولا يحوجه لإعادة كلامه، ولا يلتفت لغير ضرورة، ولا ينظر نحو جهاته، ولا يستند إلى حائط ولا يعطي الشيخ ظهره، ولا يكثر التنحنح لغير حاجة، ويدرأُ التثاؤب ما استطاع إليه سبيلا، وأيضا لا يقطع كلامه حتى يبسطه كاملا، وإن كان عنده استفسار انتظرَ حتى ينتهي؛ ثم ليسأله ما شاء بأدبٍ جمٍّ ...

§ مع الأستاذ والشيخ:

قال عليٌ رضي الله عنه: (من حق العالم عليك أن لا تُكثر عليه السؤال ــ إلا إن طلب ــ ولا تفشين له سِرا، ولا تغتابن عنده أحدا، ولا تطلبن عثرته، وإن زلَّ فعليك معذرته، وعليك توقيره وتعظيمه لله ما دام يحفظ أمر الله، وإن كانت له حاجة سبقتَ القوم على خدمته، وأن تُسلِّم على القوم عامةً وتخصَّه دونهم بالتحية، ولتجلس أمامه، ولا تشيرن عنده بيدك، ولا تقولن قال فلان خلاف قولك، ولا تعرض عن طول صحبته فإنما هو بمنزلة النخلة تنتظر متى يسقط عليك منها شيء، وإن مات العالم انثلمت في الإسلام ثلمة لا يسُدّها شيء إلى يوم القيامة) ..

ويستعمل الألفاظ الحسنة: فلا يخاطبه بتاء الخطاب مثل (قرأتَ)، ولا كاف المخاطب (أخبرتُكَ)، ولا يناديه من بعيد، بل يصدِّر كلامه إياه بـ: ما رأيكم بكذا؟، وليقرن كلامه بالدعاء، فيقول: أحسن الله إليك، ومتَّع الله بعلمِك، وما قاربَه ..

وفي سؤاله إياه ينبغي ألا يتكلَّف ويتنطع، والأدهى منه أن يسأله سؤالَ اختبارٍ أو إفحام، فهذا مُسيءٌ للأدب مع الله وللأدبِ ذاتِهِ في نيتِه وقصدِه ..

وليلتزم في سؤاله عدمَ استباقِ وقت السؤال، وأن يسأل مما فيه له خير ومنفعة عاجلة؛ لا أن يفترض المسائل الكبار أو بِعادَ الوقوع ويذرَ مسائلَ من الدِّين سهلةٌ؛ وهو يجهلها ..

§ زكاة العلم:

بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والموازنة بين المصالح والمضار، ناشرا مُحِبَّاً للعلم، باذلاً جاهَ المنصب في تيسير أمور الناس، ولا يحمِلُك دعوى فساد الزمان، وغلبةِ الفساق، وضعفِ الاستفادة، واستحقارِ النصيحة؛ عن واجب الأداء والإبلاغ عن الله، وذلك بقدر علمك ..

§ عبارات التحدث:

فالزم أخي ــ طالب العلم ــ وضوح العبارة قدر الإمكان؛ خاصة مع العوام، و عدم استعمال العبارات الغامضة، والمصطلحات الغريبة، فهو مما يستعصي على أفهامِهم وُلُوْجه، وإيَّاك والتَّنطّع والتقعُّر في كلامك، قال الأصمعي: كنتُ إذا سمعتُ أبا عمرو بن العلاء يتكلم، ظننتُه لا يعرف شيئاً، كان يتكلم كلاما سهلاً .. والعجب في هذا أن أبا عمرو هو شيخ قرّاء القرآن والعربية في مكانه ...

§ أثناء الجدال العلمي:

فقد يتخلَّل مجلسَك أو في رحلةٍ طرحُ بعض المسائل، وتختلف فيه وجهات نظر مُجالسيك؛ كلٌ حسب معرفته وقراءته، فعليه:

1. حدِّد أولاً قبل المناظرة نقطةَ الجدال، و النقاط التي تتفقانِ فيها.

2. اطرح الأدلة وآراء العلماء الربانيين، واحرص على صحتها وصراحتها.

3. لا تنتصر لنفسك، أو تكابر في عدم الرجوع للحق فقد رجع عمر رضي الله عنه عندما حجَّته زوجُته رضي الله عنها، أو تتشفى من الطرف الآخر عند رؤيتِه متراجعا عن قوله للحق الذي قد يكون في قولِك أنت.

4. لا تتفوَّه إلا بعد علمٍ متيقَّن بالمسألة وأن لا تشتبه عليك بغيرها.

5. لا تظهر نفسك رياءً وسمعة.

6. احذر الانفعال، واضبط نفسك.

7. أظهِر قبل وبعد الجدال روح المودة والتآخي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير