الشرط الرابع: أن لا تكون ناشزاً فالمرأة إذا نشزت على زوجها وأصبحت تمتنع من فعل أمره وتخالفه ولا تستجيب لما يأمرها به وتؤذيه وتضاره ولا تعاشره بالمعروف كان من حقه أن يقطع النفقة عنها، ولذلك قال العلماء: المرأة الناشز لا تستحق النفقة إذا كان نشوزها كاملاً ويدخل في ذلك امتناعها من الفراش كما قدمنا.
بقيت مسألة ثانيه: متى تستحق النفقة وهل إذا مرضت المرأة هل يجب على الزوج أن ينفق عليها في علاجها ودوائها؟
جماهير أهل العلم وحكى بعض العلماء الإجماع على أن الزوج لا يجب عليه أن يعالج زوجته وأنها إذا مرضت فعلاجها عليها وليس عليه أن ينفق عليها لدواءٍ وعلاج لكن قالوا إذا جرى العرف بالمداواة والمعالجة وجرى ذلك بين الناس فإنه يستحسن له أن يفعل بها ذلك وأجره عند الله كبير لأن أفضل من تحسن إليه هو أقرب الناس منك وأفضل من توده وتكرمه هو اقرب الناس منك، وأقرب الناس إلى الإنسان أهله فلذلك ينفق عليها؛ ولكن إذا كان دوائها وعلاجها أو كان فقيراً أو كان ذلك يضر به وامتنع وقال لا يجب علي وامتنع كان من حقه عليه ذلك ولا يلزم به شرعاً.
تستثنى من ذلك حالة وهي حالة الحمل فإذا كانت المرأة في حال حملها تحتاج إلى علاج وإلى دواء من أجل جنينها ومن أجل ولدها فإنه يجب عليه أن ينفق لاتصال الحق به من جهة ولده، ولذلك يقوم على علاجها ويقوم أيضاً على حق الولادة وما يتبع ذلك من الأمور المستحقة لتعلق نفقة الجنين به.
هذه النفقات يجب على الزوج أن يقوم بها بالمعروف وإذا قصر الزوج حكم بإثمه قال العلماء: إذا امتنع من الإنفاق على الزوجة ترتب أمران:
الأمر الأول: الحكم بإثمه.
الأمر الثاني: أنه يعزره القاضي.
فإذا امتنع وأضر بالمرأة وحصل بسبب امتناعه إضرار ورفعت أمرها إلى القاضي فإنه يستحق التعزيز لمكان الأذية والإضرار، وعلى القاضي أن يلزمه بقضاء ما مضى من النفقات فلو مضت مدة والزوج ممتنع من الإنفاق قدر القاضي نفقة الزوجة فيها وأمر الزوج بقضاء ذلك كله.
وقال بعض العلماء: تسقط النفقة بمضي المدة إذا سكتت المرأة وهذا قول مرجوح.
والصحيح مذهب الجمهور أنها حق في الذمة والمرأة تطالب به زوجها؛ لأن الله-?- فرض عليه ذلك الحق فإذا قصر فيه ألزم بضمانه على الوجه المعروف.
وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحمَْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَميْنَ وصلَّى اللَّهُ وسلَّم وبارك على عبده ونبيّه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتبع بإذن الله
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[22 - 01 - 08, 07:16 م]ـ
أعتذر لأخي مشتاق , حيث كتبت موضوعين عن فقه السرة للشيخ حفظه الله , ولم أتنبه لأنه سبقني بكتابته هذه حتى نبهنب أخي أبو عبد الله الحضرمي واقترح الإكمال للمتبقي مما لم يكمله الأخ مشتاق , فرأيت أن أكمل الباقي من السلسلة وأستبيحه عذرا في ذلك:
{الحقوق المشروطة}
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فإن الله تعالى فرض على المسلم القيام بالحقوق والواجبات، والوفاء بالعهود، قال سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1]، فكل ما بين المسلم والمسلم من عهدٍ وعقدٍ و شرطٍ فإنه يجب الوفاء به، إذا التزم به الطرفان أو التزم به أَحدهما، ولذلك عظّم الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم أمور الشروط، حتى ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأمر بالوفاء بها، والقيام بحقوقها، خاصةً إذا كانت هذه الشروط في عقد النكاح والزواج، فإذا وقع الزواج والنكاح، وكان هناك شروطٌ بين الزوجين، فإن الله عز وجل حمّل كل واحدٍ منهما الوفاء بما عليه من شرط. ولا يجوز للمسلم أن ينكث العهد ويُخلِف الوعد ولا يفي بشرط إلا إذا كان مضطراً، وأذن له الطرف الثاني، كما سيأتي إن شاء الله تفصيله. فالأصل أنه ليست من شيمة المسلم أن يضيع الشروط التي التزم بها، ولذلك قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه: (مقاطع الحقوق عند الشروط) أي: أن الله سبحانه وتعالى جعل على كل إنسانٍ التزم بالشرط، جعل عليه حقاً أن يوفي بذلك الشرط، فإذا وفى بالشرط فقد أدى الحق كاملاً إلى أهله، ومن عادة الناس في عقود الزواج والأنكحة، أنه تقع بينهم شروط، فيشترط ولي
¥