ورأى عبد الحكيم راضي "أن ظاهرة الانحراف عن المثال في كل صورها كانت المحور الذي دارت حوله كل المباحث الأساسية التي تشكل صلب النظرية العربية في اللغة الأدبية، وأن حرص البلاغيين على تأكيد هذه الصفة، قد أدى بهم إلى سلوك أساليب معينة، واعتناق آراء خاصة وتبني وجهات نظر من شأنها المساعدة على إبراز هذه الخاصية. أعني الانحراف في لغة الأدب" ().
وذهب موسى ربابعة إلى أن مفهوم الانحراف يدل دلالة كبيرة على مفهوم التوسع أو الاتساع عند العرب القدامى, وأنه يبرز أن إدراكهم لهذه القضية مرتبط بإدراكهم لطبيعة الأسلوب الذي يعد انحرافاً عن القاعدة العامة أو المألوفة "ويمكن أن يكون الانحراف معادلاً" للاتساع" أو "التوسع" وبخاصة في إطار التعبير المجازي، ويعتمد هذا الأمر اعتماداً أساسياً عل خيال المبدع في قدرته على التغيير من ماهية الأشياء ومنحها أبعاداً جديدة" ().
وقد رأى حمادي صمود أن مجهود اللغويين تمخض" عن مفهوم نظري غاية في الأهمية والاكتناز هو أساس العمل البلاغي وركيزته, وهو مفهوم "للتوسع" وقد احتل من مؤلفاتهم المركز الذي تدور في فلكه بقية المبادئ الأخرى" (). ولحظ أنه مصطلح متعدد الدلالة "يستقطب جملة من الطرق في القول، يوحد بينها خروجها عن الأصول النظرية التي تؤسس عملية تأليف الكلام مطلقاً ويدل به على ممارسات تراعي إرادة المتكلم وقصده أكثر من البنية العقلية المجردة التي استحدثها النحاة" ().
وذكر أن "التوسع هو الإطار الكبير الذي تدور في فلكه كل عمليات التوليد في اللغة ومنها المجاز" ().
ورأى ممدوح الرمالي أن ظاهرة الاتساع بوجه عام لا تعد مقصورة على لغة الشعر, إنما هي ظاهرة عامة في الاستخدام العربي وهي نمط من أنماط إبداع اللغة وإحدى صور هذا الإبداع (). والتوسع في علم اللغة يعني استعمال اللفظ ليدل على اكثر مما وضع له (). وعرف شكري عياد التوسع بأنه: "المرونة اللغوية التي تسمح بترك الأقيسة النحوية كلها والإقدام على ما فيه مخالفة صريحة للعلاقات الذهنية الصرفة" ().
وألمع الأزهر الزناد إلى التوسع، ورأى أن في جملة مثل "وصل الأسد" توسعاً يتمثل في إضافة المتكلم اسماً جديداً إلى أسماء هذا الرجل يطلق عليه لما بينه وبين الأسد من شبه بقرينة مانعة ووازن بين أصل الوضع والتوسع, ورأى أن أصل الوضع حقيقي وتاريخي ومقنن وحاجي, في حين أن التوسع أو المجاز عدول واختراع فردي وآني وطلب للاتساع ().
وأشار محمود سليمان ياقوت إلى مفهوم التوسع فقال:" يعد "الاتساع" ( Expansion) واحداً من العمليات التحويلية التي تطرأ على العبارات والتراكيب النحوية، ويعرفه المحدثون من المشتغلين بالدراسات اللغوية بأنه عملية نحوية تأتي عن طريق إضافة بعض العناصر الجديدة إلى المكونات الأساسية دون أن تتأثر تلك المكونات" (). وذكر أن الاتساع يرتبط بالدلالة لأنه عبارة عن إضافة بعض المفردات إلى التركيب الأساسي مما يؤدي إلى تحديده وبيان المقصود منه" (). وهذا المفهوم يلتقي مع ورد عند البلاغيين بمصطلح من "التوسيع" الذي قد يندرج ضمن مفهوم "التوسع".
وكان حسين المرصفي قد ذكر أن من فنون البديع" الاتساع" وعرفه بقوله:" هو أن يأتي المتكلم أثناء كلامه بما يحتمل أن يفسر بكثير من المعاني لصلاحه لكل منها" ().
وتناولت المعجمات البلاغية والنقدية (التوسع) وميزت بينه وبين الاتساع، مكتفية بنقل بعض نصوص القدماء كما هي. ذكر بدوي طبانة:أن الاتساع "أن يقول الشاعر بيتاً يتسع فيه التأويل على قدر قوى الناظم فيه، وبحسب ما تحتمله ألفاظه من المعاني" ()، وهو ما جاء عند ابن رشيق. وذكر التوسع, كما جاء عند ضياء الدين بن الأثير إذ سمى القسم الذي يكون فيه العدول عن الحقيقة إلى المجاز لغير مشاركة بين المنقول والمنقول إليه التوسع ().
¥