يرى ميشال ريفاتير أن النص كمصدر للدلالة يتولد بواسطة مفهومين إجرائيين هما: التوسيع والتحويل، فهما يسمحان بإقامة معادلة بين وحدة لغوية قابلة لأن تكتب كجملة و بين جملة. فيكون توسيع هذه المعادلة بتحويل إشارة إلى مجموعة من الإشارات، و يقيم التحويل بالعكس. و على هذا الأساس فان (النص المسروق) و (النص المسروق منه) كلاهما ناتج عن مولد بسيط في اللغة العادية، ويبقى الاختلاف في السمتين الأسلوبية و المجازية، و عليه فان فكرة السرقات تنبني أساسا على تعرية النصوص من هاتين السمتين و الاكتفاء فقط بالنظر إلى الحقيقة المرجعية الكامنة فيها، و لذلك كلما اشترك نصان أو أكثر في الصدور عن معنى مرجعي مشترك اعتبر النقاد أن النص اللاحق مأخوذ عن النص السابق.
و هذا ما نفاه عبد القاهر الجرجاني، باعتبار أن النص الشعري (المسروق) و (المسروق منه) هما مشتقان من (نص عادي) بواسطة التحويل أو التوسيع، و يتجلى ذلك من خلال المجاز و السمات الأسلوبية، و هذا ما أشار إليه ريفاتير. فبقدر ما يقترب النص الشعري من الحقيقة المرجعية بقدر ما تضعف شعريته، و بقدر ما يبتعد تتألق شعريته و تتقوى، و في حالة صدور نصين شعريين عن مرجع واحد فان الشعرية فيهما لا تقاس بإرجاع الواحد منها للآخر و إنما يقاس كل واحد منهما بالمرجع المشترك.
و في هذا الصدد يورد الجرجاني مثالا في قول خالد بن الكاتب:
رقدت و لم ترث للساهر و ليل المحب بلا آخر
مع قول بشار:
لخديك من كفيك في كل ليلة إلى أن ترى وجه الصباح وساد
تبيت ترعى الليل ترجو نفاذه و ليس لليل العاشقين نفاذ
فعبد القاهر تجنب مصطلح (الأخذ) أو (السرقة) و لم يجعل مقياس المفاضلة محكوما بعامل الزمن بين سابق و مسبوق، و حل المسألة باعتبار الشاعرين قد قالا في معنى واحد، و جعل مقياس المفاضلة فنيا بحث يفضل الشاعر غيره إذا صنع في المعنى و صوره على حد تعبيره. ففي قول كل من خالد بن الكاتب وبشار تختفي حقيقة مرجعية تعد القاسم المشترك بينهما، و هي السهر و إحساس المحب بطول الليل، فكان قول خالد الأقرب إلى الحقيقة، و انحصر توسيع (المعنى الأصلي) في قوله إن ليل المحب بلا آخر، فكانت إضافته من قبل المألوف عند الناس. و قد جاء (المعنى الأصلي) في البيت الثاني من قول بشار بمثابة شرح و توضيح للبيت الأول إلا أنه شرح لا يكرر البيت السابق بقدر ما ينمو به و يكمله. [/ color]
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[16 - 08 - 2008, 02:11 ص]ـ
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
جزاك الله خير أخي فراي، ونظل ننتظر المفيد - كهذا - مما عندكم.
دم وارفًا سددك الله ووفقك.
ـ[فراي]ــــــــ[16 - 08 - 2008, 11:14 م]ـ
الى الأخ الكريم عبد العزيز
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته، يسعدني اطلاعك على هذه الدراسة المتواضعة، أتمنى أنها أدت المبتغى و أفادتكم، و أنا رهن اشارتكم، و أنتظر منكم المزيد من التعاون و ربط الاتصال على الدوام، و السلام.
أمسية طيبة.