تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من سلسلة (خيبات أمة)]

ـ[عماد كتوت]ــــــــ[08 - 08 - 2010, 05:43 م]ـ

الخيبة التاسعة

بدأ المهنئون يتوافدون على منزله (نصف المتواضع)، ورغم تعبه وإحساسه بالإجهاد إلا أن (الموسوعة) - وهذا كان لقبه- استطاع تجميع قواه وتلميع بسمته مع إضافة بعض النكهات على ردوده ليبدو أكثر لطفا من المعتاد، كيف لا وهو قد استحق ارفع وسام للثقافة تمنحه الدولة؟!

مثل السلطان كان يجلس وسط مهنئيه ومحبيه وتلاميذه، الجميع يرمقون توهجه وألقه، يصغون إليه باهتمام شديد، معظم الكلمات التي كانت تخرج من فمه تقع فورا في حضن ورقة أو أذن تحولت إلى آلة تسجيل، فالجميع يعدّون أحاديثه كنوزا بغض النظر عن موضوعها، فمن يجلس معه لا بد أن يخرج بفائدة حتى لو كانت مجرد النظر إلى الكنز.

أثناء انهماكه مع ضيوفه دخل عليه حفيده صلاح الدين ابن الثمانية أعوام وبيده ورقة يلوح بها، اقترب من جده وهو يصيح:

- جدي جدي .. ابن جيراننا أحضر ورقة أسئلة وزعتها عليهم المدرسة، وطلب مني أن تساعده في حلّها، لأن والده مسافر وأمه منهمكة في شؤون المنزل.

ضحك الجد ومعه الحاضرون على الجرأة (البريئة) التي أبداها الحفيد، فهو يريد من جده- الموسوعة- أن يحل أسئلة موجهة للمرحلة الابتدائية، ولكنه- على غير عادته- استقبل طلب حفيده بصدر رحب، لأن المناسبة تستحق أن يغفر له تلك الزلة.

- ما الأسئلة التي عجز زميلك عن حلها؟ سأل وهو يمسك بالورقة.

أشار الحفيد بيده الصغيرة إلى مواضع في الورقة قائلا:

- هذا وهذا وهذا.

فجأة امتقع وجه الجد، بدأ ينظر إلى الورقة باهتمام، لاحظ الضيوف مدى تركيزه المرتبك، ساد الصمت المكان، ولاحظ هو أيضا أن الجميع ينظرون إليه بترقب، فقرر أن يتصرف فورا، أخرج قلما من جيبه وبدأ يكتب على الورقة، وفي أقل من دقيقة أنهى المَهمّة، وأعاد الورقة إلى حفيده، هامسا في أذنه ببعض كلمات جعلته يخرج مسرعا.

قبل أن يعطي الحفيد الورقة إلى زميله وقف على باب البيت الداخلي ليقرأ الإجابات بدافع الفضول، خاصة أنه لاحظ ارتباك جده:

- ما عدد أركان الصلاة؟ ................

- في أي سنة فُرض صوم شهر رمضان؟ ..........................

- في أي سنة توفي الرسول صلى الله عليه وسلم؟ ..............................

قرأ الطفل الفراغ، وبدون أن يشعر انهمرت دمعتان كثيفتان ساخنتان من عينيه، مزق الورقة وقفل راجعا إلى غرفته، رمى جسده المنهك على سريره البارد ونام.

ـ[عامر مشيش]ــــــــ[08 - 08 - 2010, 08:40 م]ـ

قصة توعوية رائعة ترمز إلى شيء مهم ينبغي علينا ألا نغفله.

لو كنت بمكان (الموسوعة) لقلت للحفيد:

جدك يا بني لا يقدم خدمة حل الواجبات المنزلية:)

ـ[معاذ بن ابراهيم]ــــــــ[09 - 08 - 2010, 02:20 ص]ـ

واقع ٌ لن يتغير إلا بتغير .........

متابع

ـ[الشّابّة المقدسيّة]ــــــــ[09 - 08 - 2010, 02:46 ص]ـ

من الرّائع أن يبكي الطّفل لما رآه

هذا يعني أنّ الأمل موجوداً في الجيل القادم إن شاء الله.

لعلّها خيبات تكون في صفحات مطويّة رغم أنّنا نحياها، أسأل الله تعالى أن لا يحياها أبناؤنا.

جزاك الله خيرا أخي .. متابعون إن شاء الله.

ـ[أحمد رامي]ــــــــ[09 - 08 - 2010, 03:12 ص]ـ

القفلة جميلة تسمح بتداعيات كثيرة ونهايات متعددة ...

أخي عماد أقصوصة متكاملة مطبوخة بشكل جيد مسبوكة بعناية وذات نكهة جديدة.

بوركت .. بانتظار باقي النشيد

ـ[عطوان عويضة]ــــــــ[09 - 08 - 2010, 03:55 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لو كان كل (موسوعاتنا) كهذا (الموسوعة) لهان الأمر، فما زال فيه من الخير صُبابة إذ ترك الأسئلة بلا أجوبة.

لو كان غيره من الموسوعات مكانه لأجاب:

- ما عدد أركان الصلاة؟ ................ هذه مسائل شكلية ومحل خلاف بين العلماء، والصلاة الحقيقية لها ركن واحد هو النزوع الميتا فيزيقي للامحدود.

- في أي سنة فُرض صوم شهر رمضان؟ ........... السؤال خطأ لأن رمضان صامه المسلمون قبل أن يضع عمر التقويم الهجري

- في أي سنة توفي الرسول صلى الله عليه وسلم؟ .......... وهذا السؤال أيضا خطأ لنفس السبب السابق، ولأن الرسول تركنا بجسده ولكنه بيننا بتعاليمه فمن سوء الأدب وصفه بالمتوفى.

هذا ما لم يكن من المتطاولين الملاحدة الذين لا يتورعون من التهكم على الدين وشعائره، وهم كثر.

وإنا لله وإنا إليه راجعون.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير