إفك حُبٍّ مُؤْتَفِك
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[06 - 07 - 2010, 07:15 م]ـ
إذا اختلفتْ مَهابُّ الرياح وتقلبتْ سمّتْها العربُ المُؤتفكةَ، وإذا حَسِبَتْها تهبُّ من كلّ جهة، ولم تتبيّنْ مهابّها سمّتها المتذائبة، والتذاؤب والائتفاك قريبان، وكثيرا ما يصطحبان، فالذئب رمز للغدر، والإفك مفض إليه، ومؤذن بحلوله بين يديه ..
والحبّ بعيد عن هذين الصديقين، نافر منهما ومكاشح، وسبيله في الوضاءة لاحِبٌ واضح، فكيف يضاف الإفك إليه، وبالتقلّب يُزرى عليه؟
والجواب أن الحبّ المؤتفك ليس بحبٍّ حقٍّ، وإنما هو لهو ولعب، تَسَمَّى باسم الحبّ، فهو حُبٌّ بزعم صاحبه اللاهي، ومدّعيه اللاغي.
والاغترار بهذا الحبّ وخيمة عواقبه، لأن الحبّ محلّه القلب، والقلب مِلاك الإنسان، به روحه وحياته ومشاعره، وإذا تصدّع تعبت النفس في رأبه، وصار التألم بذكر الحبّ من دأبه، كذاك الذي سمع شاديا يشدو بأغنية هَيُوجٍ، فقال:
عادني الهمّ بشَجْوٍ وضَنَكْ
أن سمعت الشاديَ يشدو:
(الأمر لكْ
الماضي لك
وبُكرا لك
وبعدو لك)
حلما كان _ تُرى_
قد تلاشى في نهار المعتركْ ..
أم تراه كان زيفا
ذاب في حرّ المحكّ ..
أم تراه كان وعدا من سراب في هجير مؤتفكْ
أم تراه كان ودّا كاذبا
جاءه الصدق فمارى وارتبكْ ..
أم تراه كان شوقا من مراء
وهو في الحقّ من شوك الحَسَكْ .... ؟
كيف لم أدركْ أفانينَ افتراءِ الذلّ قدْ مدَّ الشَّرَكْ:
(الأمر لك
الماضي لك
وبُكرا لك
وبعدو لك) .. ؟
لست أدري ..
كل ما أدريه أن الحبّ ناء عن رياء ولَبَك.
كل ما أدريه أن الحبّ بحقٍّ لا يُدَكّ.
وهو باقٍ رغم أنف الإفك مهما صار مشتدّ الحلَك
سوف يبقى في حنايا الكون
يحدو جَذِلاً رَكْبَ الفَلَك.
*****
ـ[الحطيئة]ــــــــ[07 - 07 - 2010, 05:34 ص]ـ
بارك الله فيك د. بهاء
في قولك: لأن الحبّ محلّه القلب , قلت معقبا: و عدم التلفظ به بدعة!
في قولك: وبُكرا لك
وبعدو لك
أليست هذه عامية؟
إن كان كذلك , فهل يجوز ذلك؟
ـ[أبو سهيل]ــــــــ[07 - 07 - 2010, 06:06 ص]ـ
حياك الله أستاذنا
جميلة والله تلك الدرر التي تنثرها علينا بين الفينة والفينة وأرى الإبداع يرقى بمثل هذه النصوص الرائعة فهل تأذن لنا في نقلها
كل ما أدريه أن الحبّ بحقٍّ لا يُدَكّ.
ربما لو قلنا حقا بدل بحق لكانت أنسب مع الوزن
دمت بخير أستاذنا
ـ[السراج]ــــــــ[07 - 07 - 2010, 06:28 ص]ـ
رائعة هذه الكلمات دكتور بهاء ..
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[08 - 07 - 2010, 02:55 ص]ـ
بارك الله فيك د. بهاء
في قولك: لأن الحبّ محلّه القلب , قلت معقبا: و عدم التلفظ به بدعة!
في قولك: وبُكرا لك
وبعدو لك
أليست هذه عامية؟
إن كان كذلك , فهل يجوز ذلك؟
حياك الله وبارك فيك أبا مليكة ..
أعجبني ربطك بين الحب والنية لأن محلهما القلب، لكن التلفظ بالنية بدعة، والتلفظ بالحب مندوب إليه
أما ما وضعته بين قوسين فهو من الكلام العامي .. وعليه كان مساق النص ولو أوردته بالفصيح لما أدّى ما رميت إليه .. والنص العامي هذا مقتبس من أغنية مشهورة، ولست ممن يسمعون الأغاني ويطلبونها، كما أني لست من المتشددين في أمرها فالأمر محل خلاف قديم بين العلماء، والحديث الصحيح الوحيد في تحريم الغناء والمعازف في صحته خلاف، ولا يمكن بحال جعل الغناء والحرير في سياق واحد مع الخمر والزنا اللذين نزل القرآن بتحريمهما، فليتأمل.
مع التحية الطيبة.
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[08 - 07 - 2010, 12:37 م]ـ
رائعة هذه الكلمات دكتور بهاء ..
هذا من لطفك وأصالة محتدك أخي السراج، لا أطفأ الله لك سراجا ..
مع التحية الطيبة.
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[08 - 07 - 2010, 12:49 م]ـ
حياك الله أستاذنا
جميلة والله تلك الدرر التي تنثرها علينا بين الفينة والفينة وأرى الإبداع يرقى بمثل هذه النصوص الرائعة فهل تأذن لنا في نقلها
ربما لو قلنا حقا بدل بحق لكانت أنسب مع الوزن
دمت بخير أستاذنا
أشكرك شكرا جمّا على تعليقك النابع من ذوق أدبي رفيع .. ولا مانع عندي من نقل كل ما أنشره هنا من مقالات أدبية إلى إبداع إن رأيتها مناسبة ..
ـ[الحطيئة]ــــــــ[08 - 07 - 2010, 01:15 م]ـ
كما أني لست من المتشددين في أمرها
بارك الله فيك د. بهاء , و لأنا أشد إعجاب بإعجابك منك بتعقيبي
قد أشكلت علي لفظة " المتشددين " , و لكني لا أشك في أنك لا تقصد بالتشدد: ذاك الغير المبني على دليل و إنما الغيرة المغيرة على الدليل؟
أما من حرم الغناء فقد بنى رأيه على دليل ناء به عن التشدد و هو رأي كثير من العلماء و به قال ابن مسعود و شتان بين غناء زمانهم و غناء زماننا
و رحم الله ابن القيم إذ يقول:
حُبُّ الكتابِ وحبُّ ألحانِ الغنا = في قلبِ عبدٍ ليس يجتمعانِ
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[08 - 07 - 2010, 02:34 م]ـ
بارك الله فيك د. بهاء , و لأنا أشد إعجاب بإعجابك منك بتعقيبي
قد أشكلت علي لفظة " المتشددين " , و لكني لا أشك في أنك لا تقصد بالتشدد: ذاك الغير المبني على دليل و إنما الغيرة المغيرة على الدليل؟
أما من حرم الغناء فقد بنى رأيه على دليل ناء به عن التشدد و هو رأي كثير من العلماء و به قال ابن مسعود و شتان بين غناء زمانهم و غناء زماننا
و رحم الله ابن القيم إذ يقول:
حُبُّ الكتابِ وحبُّ ألحانِ الغنا = في قلبِ عبدٍ ليس يجتمعانِ
حياك الله أخي الكريم أبا مليكة ..
أعني بالمتشددين الذين يكادون يخرجون من الملة من يستمعون للأغاني
أما حب الألحان فمن الفطرة الإنسانية، وإن من الألحان ما يقرّب النفس إلى الرحمن، وإن منها لما يجعل العين تفيض من خشية الله .. فقول ابن القيم ليس على إطلاقه، ولو كان على إطلاقه فليس بكتاب منزل ..
وفي صحيح البخاري:
عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ يَا أَبَا مُوسَى لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ
فقد كانت لآل داوود عليه السلام مزامير .. فمن استخدم المزمار للدعوة للفسق والفجور كان وبالا عليه، ومن استخدمه للدعوة للفضيلة والبر كان مأجورا عليه ..
وفي الصحيح أيضا: زينوا القرآن بأصواتكم.
مع التحية الطيبة.
¥