[قصة قصيرة: دموع كلماتي]
ـ[محمد شمس]ــــــــ[23 - 08 - 2010, 06:45 م]ـ
دموع كلماتي
قالها صديقي ونحن نحتسي مشروباتنا الساخنة في ليلة شاتيه في أحد مقاهي القاهرة: كنت أرغب في الغياب اليوم عن عملي لأزور أمي وآكل من يدها ولكنٌ وقتي لم يسعفني ..... لحظتها تجمدت مشاعري وأنا اسمع كلماته ترن في أذنيي ...... أحسده ... يبكي قلبي. تدمع عيناي أواري وجهي بين دخان الشيشة المنبعث في أرجاء المكان.
نهضت مسرعا قائلا: أستأذن .. أرغب في العودة
علق أحدهم: أمازلت تحب العودة مبكرا؟!
قلت: نعم سوف أعود
انطلقت بسيارتي وأنا اردد: نعم سوف أعود إليك الآن يا أمي ... الطريق طويل ومظلم إلى مدينتي في أول الصعيد ولكن نور ذكرها يضيء ظلام أحزاني على فراقها .... الجو ممطر .. صوت آذان العشاء أسمعه .. يتردد صوتها من عالم ذكرياتي: صلاة العشاء يا بني
أتوقف ... أصلي ... أدعو لها كثيرا ... يارب ارحمها ..... أعود إلى طريقي ولا أنسى طريقها الطويل مع أبي من أجل أن أكمل تعليمي أنا وأخوتي
برودة الجو تلفحني ... أحن لكوب شاي أتذوقه من يدها في ليالي الشتاء الباردة ... وهي ذاقت بعدها طعم السعادة وهي تمسك شهادة تخرجي بيدها وهي تقبلها ... أقلدها وأنا اردد كلمتها التقليدية لي: جهز حالك يا بني نفسي أفرح بك وألعب مع أحفادي منك .... تبتسم وتأخذني بين أحضانها ... لكن مرضها اللعين حرمها من أي ابتسامة فقد استسلمت لمشارط الأطباء لكي تصلح ما أفسده المرض في قلبها ....... يا لقسوة المرض ... كيف هان عليه أن يهاجم قلبا لا يعرف غير الحب والحنان
أيام عصيبة عشتها وأنا أراها محاطة بأجهزة كثيرة معقدة ... تمنيت أن تحدثني ولو مرة واحدة تقول لي: أنا بخير ............... يا الهي يا الهي ما هذا كادت شاحنة كبيرة تصطدم بسيارتي صوتها العالي أفزعني نفس شعوري عندما سمعت صوت أختي وهي تصرخ وتبكي وتردد: ماتت حبيبتك .. ماتت أمك
لم أنتبه لشيء سقطت مغشيا على في إغمائي رأيت صورها وهي تفرح .... تضحك .... تبكي .. تتألم لمرضها ....
تلجا إلى ربها ... تتمتم آيات من القران وأذكارها
أفاقوني .. سرت متهاديا متعلقا بجثمانها وهم يبعدوني .. أسمع كلمات مواساة كثيرة و لا أريدها أتمنى أن أسمع كلمة واحدة منها تقول لي إنها لم تمت أو تودعني ... لكن هيهات، ما لهم يسرعون بها؟ أم إنها تسرع بهم اشتياقا للقاء ربها
وضعوا جثمانها في القبر يعلو نحيبي، أنادي: يا جداه ... أهانت عليك حبيبتك لتضعها بين تلك الأحجار وتحثو عليها التراب؟!!! ومن بين نشيجه يقول: اسكت يا بني إنني ادفن قلبي الآن
يسكتنا جميعا صوت شيخنا وهو يدعو والجميع يومٌنون على دعائه وانصرف الجميع وتركوك وحيدة وأنا منهم لكن ماذا افعل؟! غير أني اعو د إليك الآن أقف أمام قبرك أقبله من كل جانب أجلس أمامه أحس إن أمي نائمة أمامي .... آه اشعر بالتعب أرغب أن أجرب شيء لم أجربه طويلا .. أنام في حضن أمي عندما أكون مرهقا فتغطيني بأنفاسها الدافئة فأستريح .. تمددت بجوار قبرها، نمت، لم يوقظني سوى صوتها يناديني –كعادتها-: انهض يا بني لصلاة الفجر ... أنتبه لأسمع صوت المؤذن ..... يتعانق مع نور القمر على المقابر فاشعر بجو إيماني عميق ... أنهض ... أدعو لها وأستأذن منها بالانصراف للصلاة ... أغادر المكان وأنا سعيد
ـ[محمد شمس]ــــــــ[24 - 08 - 2010, 03:58 م]ـ
هذه القصة عن تجربة ذاتية
ـ[منى الخالدي]ــــــــ[25 - 08 - 2010, 01:53 م]ـ
سبحان الله
الأحبة لا يغادرون حياتنا
ويبقون أحياء في الروح والذاكرة مهما نسينا أو تناسينا
قصة مؤثرة تقشعر لها الأبدان ..
رحم الله والدتك وأسكنها فسيح جناته
ويكفيها من حياتها أنها تركت خلفها ولداً صالحاً يدعو لها ..
تحية وتقدير ..
ـ[رحمة]ــــــــ[25 - 08 - 2010, 09:35 م]ـ
بسيطة في كل ما بها، في كلمتها و الاحساس الصادق هو ما زاد جمالها أكثر و أكثر.
رحم الله والدتك أخي الكريم،و رحم موتى المسلمين أجمعين.
بورك قلمك و دمت مبدعا.
ـ[فتون]ــــــــ[26 - 08 - 2010, 05:45 ص]ـ
مؤلمة جدا ...
دون أن تقول لنا أنها تجربة ذاتية، كان ظاهرا أنها حقيقية ...
مع مثل هذا الصدق العاطفي يستحيل أن تقرأ دونما تأثر ...
لن أنقدها الآن ...
لكن سأعود بإذن الله لأعطيها جزءا من وقتي وجهدي ... ؛ ذلك لأنها تستحق ...
غفر الله لوالدتكم ورحمها وألهمكم الصبر والسلوان.
ـ[محمد شمس]ــــــــ[26 - 08 - 2010, 10:48 م]ـ
تتولد عواطفنا في أحزاننا أكثر من أفراحنا
أشكرك أختي / منى
أشكرك أختي/رحمة
أشكرك أختي/فتون
نجد الأحزان في نهر حياتنا جنادل تعوق أفراحنا ولكنها تولد فينا شعورنا متدفقا بالأحاسيس المضطربة لكنها أحيانا تكون مرجل يحرق عاطفتنا فيولد طاقات الكتابة القصصية
ـ[محمد شمس]ــــــــ[29 - 08 - 2010, 06:40 م]ـ
هل الإخوة النقاد في المنتدى لا يعلقون إلا على الأعمال النثرية التي بها بعض القصور الفني فقط - إن وُجد-
ـ[محمد شمس]ــــــــ[07 - 09 - 2010, 08:42 ص]ـ
أين نقاد القصة؟ أعتقد إنه من الأفضل أن نفصل بين الكتابات الشعرية والنثرية في صفحة إبداع
¥