تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بعضٌ مما جاد به قلمي ..

ـ[عزّي إيماني]ــــــــ[21 - 06 - 2010, 06:21 ص]ـ

أخوة الأيمان ..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

لا زلت أذكر عندما طلبت منا معلمة التربية الفنية رسم أحلامنا على الورق. أمسكت قلمي ورسمت امرأة تقرأ كتابا سطر عليه اسمي ..

ذاك كان حلمي. ولا زال الحلم حيا إلا أني لم أروه إلا مؤخرا.

سأعرض عليكم بعض مدداي. وانتظر منكم التوجيه. فلا زلت في بداية المشوار وأرى بون واسع يفصلني عن تحقيق مرادي. إلا أن عازمة ٌ على قطعه. ولن أنال مرادي ذاك إلا بأيادٍ تمد وتبرز لي مواضع القصور لأرتقي. فلم أجد خيرٌ منكم لهذا الأمر.

شكرٌ مقدم لحسن تعوانكم معي.

((الفانوس))

أوقدت فانوسي وخرجت ألتمس هواء نقيا. كانت أغلب منازل الحي ساكنة وما من بصيص يمتد للخارج. سرت حتى لم تعد قدماي تقويان على حملي. فاستندت على جدار أحد المنازل. ووضعت الفانوس بجانبي. وأخذت أتأمل فراشات الضوء وهي تحوم حوله. غفوةٌ كادت أن تغزو جفناي وأنا في لحظات تأملي تلك، إلا أن صوتا خارجا من المنزل الذي استندت عليه صد ذاك الغزو. كان الصوت أشبه بحشرجة. وثمة شخص بالداخل يصارع الموت. رافق حشرجته نوح أنثى.

لم أكن أقصد استراق السمع. إلا أن الموقف هالني، وهز شيئا داخلي. توقفت الغرغرة ولم اسمع بعدها إلا نوح وندبه. فعرفت أن الصريع أباها، وبدا لي أنه ما من معين لها. ترددت بداية في قرع الباب. فالليل طوى ثلثه الأخير، والفتاة وحيدة , لكن ولأجل هذا السبب قررت قرعه، لأعينها على مراسم دفنه. قرعته ثلاثا؛ وانتظرت دقائق. لم أجد إجابة. حتى صوت النوح توقف. خفت وبدأت الوساوس تتسلسل إلى نفسي حول أمر الفتاة. وحتى أقطع تلك الوساوس، لم أجد نفسي إلا وأنا أضرب بكتفي الباب محاولا خلعه، فكان لي ذلك. دخلت وأنا أتلفت يمينا ويسارا أبحث عن مكان الفتاة. فوجدتها في غرفة مظلمة وقد أكبت رأسها على صدر أبيها. ولا حراك عليها. ازداد خوفي وظننت أنها لحقت بأبيها وإلا كيف لم تشعر بالقرع وضربات كتفي عن خلع الباب. تقدمت من الجثتين. وحمدت الله بعد أن لاحظت تعاقب أنفاسها. وأيقنت أن أمنة من نعاس تغشتها؛ فراحت في نوم عميق. لم أشأ أن أزعجها وخرجت من البيت. وعدت لأنزوي في ركني الأول حتى تفيق الفتاة، وأعينها على مصيبتها. ورحت أنا الآخر في غفوة لم أشعر إلا وضوء الشمس يعبث برمشي. قمت كالمذعور وتوجهت ناحية الباب. فإذ بالفتاة واقفة عنده. اعتذرت منها عن خلعي له. وجهت إلي نظرة وعادت إلى حيث جثة والدها. لزمت الباب ولم أتحرك وبقيت دقائق متسمرا مكاني مستندا على الجدار.

ثم جاءتني وقالت:عذرا يا سيدي هلا ساعدتني لأودع أبي ثراه " التفت ناحيتها وقلت: لم أبق هنا إلا لأجل ذلك "ابتسمت ابتسامة خفيفة سرعان ما اختفت. طلبت منها البقاء في الخارج حتى أنهي تكفين والدها. هزت رأسها دلالة على القبول. خرجت بجسد أبيها بعد أن كفنته فوجدتها جالسة حيث كنت البارحة ووضعت يديها على رأسها. وما أن رأتني مسحت عبرتها. وأشارت لي أن أتبعها وهي تحمل محراثا. فعرفت أنها تقصد مكان دفن فقيدها. وكان يبعد عن منزلهم عدة أمتار. أشارت بأصبعها إلى مكان الحفر وإذ به يجاور ثلاثة قبور. وضعت جسد فقيدها وبدأت في الحفر. في حين أكبت هي وجهها على جسد والدها وأخذت تناجيه، وتسكب العبرات في كفنه، بكيت لبكائها وتناثرت دموعي في قبر والدها رغم أن لا أعرفه، وأخذت أفكر في مصير هذه الصبية بعد رحيل معيلها وكيف لها أن تصرّف نفسها في هذا الزمن الصعب.

أنهيت الحفر، والتفت ناحية الفتاة. ففقهت مقصدي وكشفت عن وجه أبيها وقبلته في جبينه قبلت الوداع. حملت جسده بعد أن غطيت وجهه , وأدارت هي وجهها عن منظر مواراته الثرى. وما إن ساويت التربة. حتى هرعت إلى القبور الأربعة. وأخذت تعفر التراب وتبكي وتصرخ:" من لي بعدكم ".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير