التي لا تقدر بثمن أو بحسابتنا المعروفة .. قيمتها فقط بحساب أمي ..
وكم لبست أمي احلى حللها وتباهت بقريناتها .. وقريباتها بفستان
خاطته يدي جدتي بمكينتها .. التي لم ينظر إليها أخي إلا كجماد خالي من الأحاسيس ..
وكما فقدت والدتي عزيزا عليها سأفقد أنا الكرسي
.. وضعت سجادة نظيفة تحت الكرسي ثم لففته بقطعة قماش كنت أنوي خياطتها لمناسبة قريبة ..
وكأني اكفنه وأعده لقبره ..
أغلقت باب الحجرة وأنا أعتصر ألماً .. ودمعة ساخنة ذرفتها وتركتها تجف على خدي ..
ولم أخجل منها .. دخلت حجرتي بخطوات
الهزيمة والإنكسار .. وأنا أتحاشى النظر لتلك الزاوية .. التي غادرها نزيلها.
.ومرت الأيام وقد تملكني الشوق وأصبحت لا أطيق
صبراً .. على فراقه .. وحسماً لقراري باستبعاده.
.قررت شراء كرسي للاسترخاء وإضاءة مريحة بلون الغروب.
.تليق بتلك الزاوية ..
ولكني لم أرتاح للساكن الجديد .. ولم أستأمنه على هدوء أعصابي ..
شعرت بغربته .. وبأعينه تتلصص علي .. وبأذناه تجسس عليّ
على أحادثيي وحتى لحضات سكوني .. فذلك العجوز يريحني وأشعر بسمو أخلاقه.
.إختلقت الأعذار وضخمتها .. حتى عادت
عيوب الساكن الجديد .. تحت أعين عدسة المجهر .. اتهمته وبالغت بظلمه.
.لم أحبه وهذا عذر لا يتحمله عقلي ..
وصعدت إلى تلك الحجرة التي أودعت فيها ذلك العجوز.
.لأجد تللك الزواية خالية .. وعرفت حتماً بأن من يسكنها يغادر منزلنا ..
كنت غاضبة .. بل متفجرة .. كل من صادفتهم ألجمتهم بلجام ثورات غضبي ..
وامتزج الصراخ بالبكاء .. واحتدم البكاء وصار النحيب ..
من حولي يضحكون من طفولتي المتأخرة .. وتفور حمم غضبي .. وقد بكيت كطفلة .. كمن تلقت الخبر المفجع ..
لم يزنوا لمشاعري أي أهمية .. وألقيت على نفسي اللوم أنا من تخليت عنه بهوانه وضعفه ..
غرتني المقاعد الوثيرة ..
عن روحه الطيبة .. كنت أنانية جشعة .. والآن أنا نادمة .. كل الندم ..
ولكن قد فات الأوان على الندم .. ولأكفر عن ذنبي سوف أجعل مكانه خالياً .. كما هو خالي بقلبي ..
وسأهديه هذي المدونة .. لروحة الطاهرة .. ألف تحية .. يكفيه هذا مع الصدقة والدعاء ..
قبل أن أدلي دلوي من تعليقاتي البسيطة وربما تكون خاطئة فما زلت في طور الدراسة وسأظل كذلك حتى أتخرج بشهادات تفوق من هذه الجامعة الكريمة (جامعة الفصيح) ,أحب أن أشكرك على رفع هذا الموضوع والإبداع الذي يزداد جماله جمالا كلما نزلت لأقرأ .. فحفظك الله وجزاك الله خيرا على ما أمتعتينا به ...
ـ[السراج]ــــــــ[15 - 10 - 2010, 06:13 ص]ـ
بعض الأشياء لازلتُ أحتفظُ بها لأنها كوّنتْ مع زمنٍ سابقٍ ذاكرة لي، أو صنعتْ - بلا شعور طبعاً - حدثاً جميلاً صار تاريخاً.
حقاً تحتاجُ وقفة تأمل بل اقتياد الكلمات الجميلة لها في إطار خاطرة أو قصة رائعة ...
باركَ الله فيكِ يا لغتي الثروة، ومرحباً بكِ في (جامعة) الفصيح ..