تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فأخذ دعاتها على عواتقهم تمرير هذه البدعة الجديدة، وجاهدوا في الوصول إلى أغراضهم الزائفة حتى استطاعوا أن يقنعوا الكثيرين بها باعتبارها دعوة إلى التجديد والمعاصرة تهدف إلى الانتقال بالأدب العربي المتوارث نقلة نوعية جديدة تخلصه مما علق به من سمات الجمود والتخلف ليواكب التطور الحضاري الذي يفرضه واقع العصر الذي نعيشه، والذي تفرضه سنن الحياة. لذلك نجد أدونيس يقول في كتابه الثابت والمتحول ج 3 ص 9:" ومبدأ الحداثة هو الصراع القائم بين السلفية والرغبة العاملة لتغيير هذا النظام .. وقد تأسس هذا الصراع في أثناء العهدين الأموي والعباسي، حيث نرى تيارين للحداثة: الأول سياسي فكري، ويتمثل من جهة في الحركات الثورية ضد النظام القائم، بدءا من الخوارج، وانتهاء بثورة الزنج، مرورا بالقرامطة، والحركات الثورية المتطرفة، ويتمثل من جهة ثانية في الاعتزال والعقلانية الإلحادية وفي الصوفية على الأخص ".

ثم يواصل أدونيس حديثه قائلا: " هكذا تولدت الحداثة تاريخيا من التفاعل والتصادم بين موقفين وعقليتين في مناخ تغير، ونشأت ظروف وأوضاع جديدة، ومن هنا وصف عدد من مؤسسي الحداثة الشعرية بالخروج " المرجع السابق ج3 ص11.

ويعتبر أدونيس المنظر الفكري للحداثيين العرب الذي أخذ على عاتقه نبش كتب التراث ليستخرج منها كل شاذ ومنحرف من الشعراء والأدباء والمفكرين من أمثال بشار بن برد وأبي نواس، لأن في شعرهم كثير من المروق على الإسلام، والتشكيك في العقائد، والسخرية منها، والدعوة للانحلال الجنسي كما يذكر عوض القرني في كتابه الحداثة في ميزان الإسلام ص 28. ويواصل القرني حديثه:" وهكذا بعد أن حاول الحداثيون العرب أن يوجدوا لهم جذورا تاريخية عند فساق وزنادقة، وملاحدة العرب في الجاهلية والإسلام، انطلقت سفينتهم غير الموفقة في العصر الحديث تنتقل من طور إلى آخر متجاوزة كل شيء إلى ما هو أسوء منه، فكان أول ملامح انطلاقتهم الحديثة هو استبعاد الدين تماما من معاييرهم وموازينهم بل مصادرهم، إلا أن يكون ضمن ما يسمونه بالخرافة، أو الأسطورة، ويستشهد على صحة قوله بما نقله عن الكاتبة الحداثية خالدة سعيد في مجلة فصول بعنوان الملامح الفكرية للحداثة حيث تقول: " إن التوجهات الأساسية لمفكري العشرينات تقدم خطوطا عريضة تسمح بالقول إن البداية الحقيقية للحداثة من حيث هي حركة فكرية شاملة، قد انطلقت يوم ذاك، فقد مثل فكر الرواد الأوائل قطيعة مع المرجعية الدينية والتراثية كمعيار ومصدر وحيد للحقيقة، وأقام مرجعين بديلين: العقل والواقع التاريخي، وكلاهما إنساني، ومن ثم تطوري، فالحقيقة عند رائد كجبران، أو طه حسين لا تلمس بالعقل، بل تلمس بالاستبصار عند جبران، والبحث المنهجي العقلاني عند طه حسين " الحداثة في ميزان الإسلام ص 29، 30 عوض القرني.

لقد بات من الضروري أن يعمل على كشف الآثار الخبيثة التي خلفها هذا المذهب، على ثقافتنا وهويتنا، حتى أصبح الدارس لتراث الأمة الأدبي والسياسي والتاريخي لا يجد إلا المراجع التي سودها المستشرقون النصارى واليهود وتلامذتهم العلمانيون الحداثيون، على كثرة افتراءاتهم وشبهاتهم.

لذا ومن أجل نهضة شاملة، يجب على كل من يستطيع أن يفهم غيره المسارعة إلى توضيح ما في هذا المذهب المستورد من الأوربيين الذين ثاروا على دينهم، من خطر يهددنا في الدنيا والآخرة، كما يجب على العلماء والأساتذة أن ينبهوا على ما بث - في غفلة من الرقابة- من سموم إلى مقرراتنا التعليمية، من خلال الأيام الدراسية والندوات والبحوث الجامعية.

ـ[محاكاة]ــــــــ[09 - 12 - 2006, 04:01 ص]ـ

بورك فيك أخي زكريا على إضاءاتك .....

غير أن الواجب يدعو إلى إعادة النظر في تحديد مفهوم الحداثة، وقراءتها من زواياها المتباينة بعقلانية واستبصار تامين، وبأسلوب تجردي، دون استحضار للصورة الذهنية السائدة التي تقفز إلى أذهاننا بمجرد مرور كلمة " حداثة " بها.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير