تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وعبر أمواج الخليج تمسح البروقْ

سواحلَ العراق بالنجوم والمحار،

كأنها تهمّ بالشروق

فيسحب الليل عليها من دمٍ دثارْ.

أَصيح بالخليج: " يا خليجْ

يا واهب اللؤلؤ، والمحار، والرّدى! "

فيرجعُ الصّدى

كأنّه النشيجْ:

" يا خليج

يا واهب المحار والردى .. "

أكاد أسمع العراق يذْخرُ الرعودْ

ويخزن البروق في السّهول والجبالْ،

حتى إِذا ما فضَّ عنها ختمها الرّجالْ

لم تترك الرياح من ثمودْ

في الوادِ من أثرْ.

أكاد أسمع النخيل يشربُ المطر

وأسمع القرى تئنّ، والمهاجرين

يصارعون بالمجاذيف وبالقلوع،

عواصف الخليج، والرعود، منشدين:

" مطر ...

مطر ...

مطر ...

وفي العراق جوعْ

وينثر الغلالَ فيه موسم الحصادْ

لتشبع الغربان والجراد

وتطحن الشّوان والحجر

رحىً تدور في الحقول ... حولها بشرْ

مطر ...

مطر ...

مطر ...

وكم ذرفنا ليلة الرحيل، من دموعْ

ثم اعتللنا – خوف أن نلامَ – بالمطر ...

مطر ...

مطر ...

ومنذ أنْ كنَّا صغاراً، كانت السماء

تغيمُ في الشتاء

ويهطل المطر،

وكلَّ عام – حين يعشب الثرى – نجوعْ

ما مرَّ عامٌ والعراق ليس فيه جوعْ.

مطر ...

مطر ...

مطر ...

في كل قطرة من المطر

حمراءُ أو صفراء من أجنَّة الزَّهَرْ.

وكلّ دمعةٍ من الجياع والعراة

وكلّ قطرة تراق من دم العبيدْ

فهي ابتسامٌ في انتظار مبسم جديد

أو حُلمةٌ تورَّدتْ على فم الوليدْ

في عالم الغد الفتيّ، واهب الحياة!

مطر ...

مطر ...

مطر ...

سيُعشبُ العراق بالمطر ... "

أصيح بالخليج: " يا خليج ..

يا واهب اللؤلؤ، والمحار، والردى! "

فيرجع الصدى

كأنَّه النشيج:

" يا خليج

يا واهب المحار والردى. "

وينثر الخليج من هِباته الكثارْ،

على الرمال،: رغوه الأُجاجَ، والمحار

وما تبقّى من عظام بائسٍ غريق

من المهاجرين ظلّ يشرب الردى

من لجَّة الخليج والقرار،

وفي العراق ألف أفعى تشرب الرَّحيقْ

من زهرة يربُّها الفرات بالنَّدى.

وأسمع الصدى

يرنّ في الخليج

" مطر ..

مطر ..

مطر ..

في كلّ قطرة من المطرْ

حمراء أو صفراء من أجنَّةِ الزَّهَرْ.

وكلّ دمعة من الجياع والعراة

وكلّ قطرةٍ تراق من دم العبيدْ

فهي ابتسامٌ في انتظار مبسمٍ جديد

أو حُلمةٌ تورَّدت على فم الوليدْ

في عالم الغد الفتيّ، واهب الحياة. "

ويهطل المطرْ ..

أتعلمين أيَّ حُزْنٍ يبعث المطر؟

وكيف تنشج المزاريب إِذا انهمر؟

وكيف يشعر الوحيد فيه بالضّياع؟

بلا انتهاء – كالدَّم المراق، كالجياع،

كالحبّ، كالأطفال، كالموتى – هو المطر!

ومقلتاك بي تطيفان مع المطر

وعبر أمواج الخليج تمسح البروقْ

سواحلَ العراق بالنجوم والمحار،

كأنها تهمّ بالشروق

فيسحب الليل عليها من دمٍ دثارْ.

أَصيح بالخليج: " يا خليجْ

يا واهب اللؤلؤ، والمحار، والرّدى! "

فيرجعُ الصّدى

كأنّه النشيجْ:

" يا خليج

يا واهب المحار والردى .. "

أشكر لك أخي الكريم الطرح الجميل، والموضوع الحزين، لا أبكى الله لك عيناً، وأدام ثغرك باسماً، وسنك ضاحكاً.

تحياتي.

ـ[علي جابر الفيفي]ــــــــ[06 - 11 - 2009, 06:40 م]ـ

قالت الخنساء:

يذكرني طلوع الشمس صخرا وأذكره لكل غروب شمس

ولولا كثرة الباكين حولي على إخوانهم، لقتلت نفسي ...

فلا والله لا أنساك، حتى أفارق مهجتي، ويشق رمسي

فقد ودعت يوم فراق صخر أبي حسان لذاتي، وأنسي

فيا لهفتي عليه، ولهف أمي أيصبح في الضريح، وفيه يمسي

ـ[خولة قوال]ــــــــ[10 - 11 - 2009, 08:16 ص]ـ

القصيدة التي تبكيني هي قصيدة الخنساء التي ترثي فيها اخها صخر مشكورين

ـ[العِقْدُ الفريْد]ــــــــ[10 - 11 - 2009, 07:52 م]ـ

ألا ليتَ الموضوع يُقلبُ إلى " ما الأبياتُ التي جعلتكَ تضحك؟! ".

في موضوع مستقل.

ـ[بسمة الكويت]ــــــــ[10 - 11 - 2009, 10:17 م]ـ

أبيات لخولة بنت الأزور

فمن ذا الذي يا قوم أشغلكم عنا

لكنا وقفنا للوداع وودعنا

فهل بقدوم الغائبين تبشرنا

وكنا بهم نزهو وكانوا كما كنا

وأقبحه ماذا يريد النوى منا

ففرقنا ريب الزمان وشتتنا

لثمنا خفافاً للمطايا وقبلنا

تركناه في دار العدو ويممنا

وما نحن إلاّ بمثل لفظ بلا معنى

إذا ما ذكرهم ذاكر قلبي المضنى

وإن بعدوا عنا وإن منعوا منا

ألا مخبر بعد الفراق يخبرنا

فلو كنت أدري أنه آخر اللقا

ألا يا غراب البين هل أنت مخبري

لقد كانت الأيام تزهو لقربهم

ألا قاتل الله النوى ما أمرّه

ذكرت ليلي الجمع كنا سوية

لئن رجعوا يوماً إلى دار عزهم

ولم أنس إذ قالوا ضرار مقيد

فما هذه الأيام إلاّ معارة

أرى القلب لا يختار في الناس غيرهم

سلام على الأحباب في كل ساعة

ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[12 - 11 - 2009, 05:30 م]ـ

أصبتَ أخي رؤبة في اختيار الموضوع

وأصاب الإخوة والأخوات في الاختيار، وتفننوا في إبكائنا، وحالنا لا يخفى على ربنا الكريم.

أكثر ما أبكاني:

قصيدة أبي الحسن التهامي، وأكثر ما أبكاني فيها:

جاورت أعدائي وجاور ربه ... شتان بين جواره وجواري

لعل العرب صدقوا في الرثاء، لذا كانت عاطفتهم صادقة، وهو الغرض الوحيد الذي لا يداخله ما يداخل غيره.

لكن المفاجأة أن أحدا يرثي أحدا بقصة وليس بقصيدة، ذلكم هو الراحل الطيب صالح حين رثى أباه بقصته الرائعة "الرجل القبرصي" التي لم تجد حظها من النقد والدراسة والشهرة شأن بقية أعماله. ولعلي أرفقها لاحقا إن شاء الله.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير