تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

((قد كان قاسمك الشخصين دهرهما ...... وعاش دُرُّهما المفدى بالذهب))

((وعاد في طلبِ المتروكِ تاركه ........... إنَّا لنغفلُ و الأيامُ في الطلبِ))

و تدبّر الصلة بين هذا و ذاك , و الحسرة المتميزة في قوله: ((إنا لنغفل ........ )) , و ((ما كان أقصر وقتاً كان بينهما)).

و ندع هذا الآن , و ننتقل بك في مواضع من الديوان على غير ترتيب , لترى أثر هذا الحب في شعر أبي الطيب و في حياته , وما أصابه وهو في ظل سيف الدولة من جراء هذا الحب , وكان حق هذا الموضع من هذا الباب أن نتتبع لك حياة أبي الطيب سنة سنة , و نكشف لك عن تدرج هذا الحب في شعره وقصائده حتى تنتهي إلى الغاية و لكن ..........

وقف المتنبي في مجلس سيف الدولة ينشده قصيدة التي أولها:

واحرَّ قلباهُ ممن قلبهُ شَبِمُ ......... ومن بجسمي و حالي عنده سقم

وقد زعموا أن سبب هذه القصيدة كان على ما قالوا ....... ((جرى له خطاب مع قوم متشاعرين , وظن الحيف عليه و التحامل)) , إلى غير ذلك. و قد أتى المتنبي في هذه القصيدة بكل عجيبة من القول في الكبرياء و الحب لسيف الدولة و الوعيد له , كقوله:

سيعلم الجمع ممن ضم مجلسنا ............ بأنني خير من تسعى به قدم

.........................................................

كم تطلبون لنا عيباً فيعجزكم ............. و يكره الله ما تأتون و الكرم

وقوله في حب سيف الدولة:

يا من يعز علينا أن نفارقهم ........... وجداننا كل شيء بعدكم عدم

و قوله في إنذاره:

لئن تركن ضُميراً عن ميامننا .......... ليحدثن لمن ودعتهم ندم

إذا ترحّلت عن قوم وقد قدروا .......... ألا تفارقهم فالراحلون هم

قالوا: فلما أنصرف أبو الطيب من مجلس سيف الدولة , وقف له رجّالة في طريقه ليغتالوه , فلما رآهم أبو الطيب ورأى السلاح تحت ثيابهم , سلَّ سيفه وجاءهم حتى اخترقهم فلم يقدموا عليه. ونمى ذلك إلى أبي العشائر , فأرسل عشرة من خاصته فوقفوا بباب سيف الدولة , وجاء رسوله إلى أبي الطيب , فسار إليهم حتى قرب منهم , فضرب أحدهم يده إلى عنان فرسه , فسلَّ أبو الطيب سيفه , فوثب الرجل أمامه , و تقدمت فرسه الخيل , وعبرت قنطرة كانت بين يديه , و اجترهم إلى الصحراء , فأصاب أحدهم نحر فرسه بسهم , فانتزع أبو الطيب السهم ورمى به , واستقلّت الفرس , و تباعد بهم ليقطعهم عن مددٍ كان لهم , ثم كرَّ عليهم , بعد أن فنى النشّاب ........ فلما يئسوا منه , قال له أحدهم في آخر الليلة: نحن غلمان أبي العشائر! فقال قصيدته ((ومنتسب عندي إلى من أحبه)) ثم عاد أبو الطيب إلى المدينة مستخفياً , فأقام عند صديق له و المراسلة بينه وبين سيف الدولة , وسيف الدولة ينكر أن يكون قد فعل به ذلك أو أمر به ......... وكان ذلك سنة 341هـ , فلما رضي عنه سيف الدولة , قال له قصيدته أولها:

أجابَ دَمعي وما الدّاعي سوَى طَلَلِ ........... دَعَا فَلَبّاهُ قَبلَ الرَّكبِ وَالإبِلِ

ظَلِلْتُ بَينَ أُصَيْحابي أُكَفْكِفُهُ .............. وَظَلّ يَسفَحُ بَينَ العُذْرِ وَالعَذَلِ

أشكُو النّوَى ولهُمْ من عَبرَتي عجبٌ ........... كذاكَ كنتُ وما أشكو سوَى الكِلَلِ

ثم انتقل من هذا المعنى إلى معنى غيره فقال:

و ما صبابة مشتاق على أمل ................ من اللقاء , كمشتاق بلا أمل

و كأنه بهذا الانتقال يهوّن على سيف الدولة الأمر , و يذكر له أن هذا الحب الذي بينه وبين "خولة" كائن على غير أمل , وأنه لا يطمع في أن يظفر بإدراك أمله من زواجها. ثم يدلّل على ذلك بما كان من الحادثة التي كاد يقتل فيها , و التي تولى أمرها أبو العشائر (وهو من قوم خولة) , و يذكر لسيف الدولة أن أهل "خولة" لن يدعوه أن يكون بينه و بينها صلة كما بلّغه الوشاة , فانتقل من معنى البيت إلى قوله:

متى تَزُرْ قومَ من تهوى زيارتها ............. لا يُتْحِفُوكَ بغيرِ البِيضِ و الأَسَلِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير