تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

و لله سيري ما أقل تئية عشية شرقي الحدالى و غربُ

فذكر حاله و حال من ودّعه عند الإفتراق، ثم استفتتح الفصل الثالث بتذكر العهود السارة و تعديدها فقال:

و كم لظلام الليل عندك من يد تُخبِّر أن المانوية تكذبُ

فتذكر في هذا الفصل موطن البين، و موطن الوصل، ثم تممه بذكر ما اقترن بذلك الوصل من محاذرة الرقباء، ثم استفتح الفصل الرابع بتذكر الحال التي حاذر فيها الرقبة عند رحيله عن سيف الدولة فقال:

و يوم كليل العاشقين كمنته أراقب فيه الشمس أيان تغربُ

فذكر الليل، و وصف الفرس، و انتقل من معان جزئية إلى معان كلية بحيث يمكن أن تكون فصلا واحدا أو فصلين اثنين، أول ثانيهما:

و ما الخيل إلا كالصديق قليلة و إن كثرت في عين من لا يجربُ

ثم افتتح الفصل الأخير بذم الدنيا و ما تؤول إليه أحوالها، و توجَّع مما يصيب كل بعيد الهم فيها فقال:

لحى الله ذي الدنيا مناخا لراكب فكل بعيد الهم فيها معذبُ

د- مأم من المذاهب المستشرفة مما تقدم أيضا، و هو مذهب التحجيل:

سمى القرطاجني (تحلية أعقاب الفصول بالأبيات الحكمية و الاستدلالية بالتحجيل ليكون اقتران صنعة رأس الفصل و صنعة عجزه نحواً من اقتران الغُرّة بالتحجيل في الفرس) (ص 297).

و التحجيل تذييل أواخر الفصول بالأبيات الحكمية و الاستدلالية التي معناها مترام إلى جملة معاني أبيات الفصل أو بعضها، فيورد المعنى (في التحجيل) (على جهة الاستدلال على ما قبله أو على جهة التمثيل، و يكون منحواً به منحى التصديق أو الإقناع) (ص 300)، و هذا يُزين الفصل و القصيدة كليا ً، و يؤثر في النفوس أيّما تاثير، كأبيات زهير بن أبي سلمى في آخر معلقته، و كذلك حينما اختتم لاميته المشهورة بقوله:

فما يك من قول اتوه فإنما توارثه آباء آبائهم قبل

و هل ينبت الخطي إلا وشيجه و تغرس إلا في منابتها النخل

غير أن الإكثار من هذا الفن حسب حازم مؤد إلى التكلف و سآمة النفس، فما كان منه بحسب ما يعن للخاطر من غير تكلف فهو حسن جميل، و ما كان متكلفا كان عيبا لا يبقي للحكمة جِدَّة و لا رونقا

بقلم محمد بن أحمد فلاق

ماجستير النقد و البلاغة الجزائر

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير