تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

و التأليف في ذلك على أربعة أضرب:

1 ضرب متصل الغرض و العبارة.

2 و ضرب متصل الغرض دون العبارة.

3 و ضرب متصل العبارة منفصل الغرض.

4 و ضرب منفصل العبارة و الغرض معا.

* أما المتصل الغرض و العبارة، فهو الذي يكون آخره على علاقة من جهة الغرض بأول الفصل الذي بعده، و ارتباط من جهة العبارة بإسناد ألفاظ أحد الفصلين إلى الآخر.

* و أما متصل الغرض منفصل العبارة، فيكون أول الفصل فيه رأس كلام بارز مستقل بلفظه (غير مسند و لا مرتبط)، و له علاقة من جهة المعنى (في الغرض) بما قبله، و القرطاجني يعده أحسن الضروب الأربعة، و خاصة إذا أُورد فيه معنى تعجبي أو دعائي لانبساط النفوس إليه و استشعارها الخروج من كلام إلى استئناف كلام جديد.

* أما الضرب الثالث، فلم يزد حازم القرطاجني على أنه اعتبره أحط عن الضربين السابقين، و هذا الضرب هو منفصل الغرض متصل العبارة.

* و الضرب الرابع لا توصل فيه عبارة بعبارة، و لا غرض بغرض مناسب له، ينتقل فيه الشاعر من فصل إلى فصل من غير علاقة بينهما و لا تناسب، و قد (تسامح بعض المجيدين في مثل هذا عند الخروج من نسيب إلى مديح، و ربما فعلوا ذلك عند خروجهم منه إلا الذم) (ص 291).

ب- معرف دال على طرق المعرفة بما يجب اعتماده في الفصول من جهة اشتمالها على أوصاف الجهات التي هي مسانح أقناص المعاني، و معاضدة التخييل فيهما بالإقناع على الوضع الذي يليق بذلك، و يحسن به موقعه من النفوس:

إن من الشعراء عند بنائهم معاني قصائدهم من يبالغ في تقصي أحد المعاني فيكثر فيه الأوصاف

(المتعلقة بغرضه) ما كان منها (من الأوصاف) على الحقيقة أو على سبيل التخييل ليمثلها للنفس على أحسن أو أقبح ما يمكن، بحسب غرض الكلام من مدح أو ذم.

* و من الشعراء كذلك من يكتفي باستيفاء المقدار الذي يُعرف و يلتئم به المعنى، و منهم من يخل بالمعاني أو يُدخل فيها ما ليس منها، يقول القرطاجني عن الإسهاب في المعاني: (و أما الاستقصاء فإنه مستحسن في الجهات التي معانيها مع شرفها قليلة، فأما الجهات التي تكثر معانيها وليست كلها بشريفة ... فإنها يسوغ استقصاؤها في القصائد الطوال ... أما في القصائد القصار و المتوسطة فلا يحسن إلا التخطي إلى الأشرف فالأشرف) (ص 291).

هذا عن استيفاء المعاني في الفصول على العموم، أما إذا نظرنا إلى المعاني لمعرفة أنواعها: فالشعراء هنا أصناف، فيهم من يجعل أكثر معانيه و ألفاظه مخيلة ليس فيها من الإقناع الخطابي إلا القليل، و فيهم من يقصد الإقناع في كثير من معانيه، على أن التخييل خليق بالشعر، و الإقناع خليق بالخطابة، و يحسن أن يتعاضد التخييل مع قليل من الإقناع في الشعر، و يتعاضد الإقناع مع قليل من التخييل في الخطابة، لاستراحة النفوس لتجدد الأقاويل الشعرية بعد الخطابية.

و في هذا المقام ينوه القرطاجني بأبي الطيب المتنبي و يستحسن صنيعَه (لأنه كان يُصدِّر الفصول بالأبيات المخيلة ثم يختمها ببيت إقناعي يعضد به ما قدّم من التخييل، و يجم النفوس لاستقبال الأبيات المخيلة في الفصل التالي، فكان لكلامه أحسن موقع في النفوس بذلك، و يجب أن يُعتمد مذهب أبي الطيب في ذلك فإنه حسن) (ص 294).

و في القصائد ما يضمنها الشاعر (في فصولها) معاني جزئية مفهوماتها شخصية (ذاتية للشاعر)، و منها ما يضمنها الشاعر معاني كلية مفهوماتها نوعية، و منها ما تكون مؤتلفة بين الجزئية و الكلية، و هذا الأخير يستحسنه القرطاجني لحسن موقع الكلام به من النفس، إذا صُدِّرت الفصول بالجزئية و أُردقت بالكلية.

ج- مأم من مذاهب البلاغة المستبانة بهذا المنهج، و هو مذهب التسويم:

التسويم أن يعلَّم على الشيء و تجعل له سِيما يتميّز بها، واختار القرطاجني مصطلح التسويم لرؤوس الفصول التي يعتمدها الشعراء أعلاما عليها و إعلاما بالمغزى فيها، و لفواتح الفصول بذلك بهاء و شهرة و ازديان، و يضرب لنا حازم مثلا عن ذلك بقصيدة للمتنبي مطلعها:

أغالب فيك الشوق و الشوق أغلب و أعجب من ذا الهجر و الوصل أعجبُ

فتعجب من الهجر و أكد التعجب في البيت الثاني، ثم ذكر لجاج ألأيام في بُعد الأحباء و قرب الأعداء فكان ذلك مناسبا لما ذكر من الهجر، ثم افتتح الفصل الثاني بقوله ك

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير