تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كثُر الاهتمام بعلم التّحريرات من قِبَلِ علماء القراءات؛ فألّفوا فيه لكونه يحتوي على مزايا عديدة:

فهُو يهتمّ بقارئ القرآن عامّة، وقارئ القراءات خاصّة، باعتبار أنّ التَّحْرِيرَات وسيلة لحفظ القرآن الكريم، في ظلّ وجود طائفة متخصّصة، يُرجع إليهم عند الحاجة إلى معرفة الصّحيح من القراءات القرآنية من غيرها، وباعتبار أنّ التَّحْرِيرَات أيضاً بمثابة علم مصطلح الحديث عند أهل الحديث؛ فيحتاجها القارئ بالقراءات العشر لما فيها من التّمكّن في الإِقْرَاء، والقدرة على التّحرير للطّرق، ومنع التّركيب، والتّلفيق، وتفْصيل مُجْمل متن الشّاطبية، والدّرة، والطّيبة، إذْ لابدّ عند القّراء لكلّ من قرأ بمضمّن كتابٍ أن يَعرف طُرقه؛ ليَسلم من التّركيب، الذي هو خَطَأ مكروه، كما قرّره العلماء رحمهم الله. (غيث النفع للصفاقسي/ 12)، (تأمّلات حول تحريرات العلماء للقراءات المتواترة للشيخ عبد الرّازق على موسى/20).،وألّفوا فيه كذلك لأنّه يُعتبر من أصْعب أنواع علوم القراءات، وقد شغل أذهان العلماء دهراً، واحتارت فيه عُقولهم؛ فألّفوا فيه لينتفع به المشتغلون بالقراءة،، نظراً لأنّه لا سَبيل إلى رواية القراءات العشر من الشّاطبية، والدّرة، والطّيبة بطريقة صحيحة إلا به. (الإمام المتولّي، وجهوده في علم القراءات، للدكتور إبراهيم الدّوسري/ 337).

وقد حظي هذا العلم باهتمام العلماء رحمهم الله منذ عصر المحقّق ابن الجزري، وإلى اليوم، وكان من أكثر المهتمين به الإمام المحقّق ابن الجزري نفسه، وقد بيّن سبب ذلك في كتابه القيّم النّشر في القراءات العشر بقوله: (( .. وفائدة ماعيّناه، وفصّلناه من الطّرق،وذكرنا من الكتب هو عدم التّركيب .. فإنهّا إذا مُيِّزت، وبُيِّنت ارْتفع ذلك أي: التّركيب …)(النّشر لابن الجزري/193).

وكان من المهتمين به كذلك كلّ من جاؤوا بعده، لا يُعْرَف لهم مُخالف في الأخذ بها، كالعلامة الشّيخ سلطان الذي أجمل سبب ذلك الاهتمام بقوله في رسالته: ((الذي ينبغي ذكره في هذا المحلّ تحرير الطّرق، حسب ماذكره في النّشر لأنّه المعوّل عليه في تحريرها)(رسالة سلطان المزّاحي/20).

وكذلك غيره من علماء القراءات ممّن أجادوا، وأفادوا، وألّفوا في علم التحريرات كتباً كثيرةً. (الإمام المتولّي وجهوده في علم القراءات، للدكتور إبراهيم الدّوسري/ 337).

-أقوال العلماء في حكم الأخذ بالتَّحْرِيرَات.

قال السّخاوي في كتابه جمال القراء: ((خَلْط هذه القراءات بعضها ببعضٍ خطأ))،لم أقف عليه في جمال القرّاء، وقد نقل كلامه هذا صاحب النّشر، وكذلك البنّاء صاحب إتحاف فضلاء البشر (1/ 105).

وقال ابن الجزري: ((وأجازه أكثر الأئمّة مطلقاً، وجعلوا خطأَ مانعي ذلك محقّقاً، والصّواب عنْدنا في ذلك التّفصيل، والعُدول بالتّوسط إلى سواء السّبيل؛ فنقول: إن كانت إحدى القراءتين مترتّبة على الأخرى؛ فالمنع من ذلك منع تحريم، كمن يقرأ (فتلقى آدم من ربه كلمات) بالرّفع فيهما، أو بالنّصب .. وشبهه ممّا يُركّب بما لا تُجيزه العربيّة، ولا يصحّ في اللّغة، وأمّا ما لم يكن كذلك فإنّا نفرّق فيه بين مقام الرّواية، وغيرها؛ فإن قَرأ بذلك على سبيل الرّواية؛ فإنّه لايجوز أيضاً، من حيث إنّه كذب في الرّواية ... ،وإن لم يكن على سبيل النّقل، والرّواية بل على سبيل القراءة، والتّلاوة؛ فإنّه جائز صحيح مقبول، لامنع منه، ولاحظر، وإن كنّا نعيبه على أئمة القراءات العارفين باختلاف الرّوايات من وجْه تَسَاوِي العلماء بالعوامّ لا من وجه أنّ ذلك مكروه، أو حرام .. ))، (النّشر في القراءات العشر لابن الجزري1/ 18،19).

وقال الإزميري: ((الترّكيب حَرام في القرآن على سبيل الرّواية، ومَكْروه كَراهة تَحريم على ما حقّقه أهل الدِّراية)) (عمدة العرفان للإزميري /2).

بناءً على هذا، وغيره؛ فليست التَّحْرِيرَات -أي تمييز الطّرق، وترتيب الرّوايات بحيث لا يحصل تركيب قراءة على أخرى- مِنْ اخْتِيَارَات- (الاختيار معناه باختصار: اختيار بعض المروي دون بعض عند الإقراء، والتلقي. (الإبانة عن معاني القراءات لمكّي/16،17)، (تأمّلات حول تحريرات العلماء للقراءات المتواترة للشيخ عبد الرّازق على موسى/26) - المصنّفِين؛ فينْبَنِي عليها أنّه لا يلزم التزامها، أوإلزام الغير بها؛

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير