باب فرش الحروف يعني الأحكام المنفردة المرتبة بحسب ترتيب مواضع السور.
وَهَا هُوَ عَنْ فَاوَوَاوٍ وَلاَمِهَا= وَثُمَّ هْوَ أَسْكِنْ وَالبُيُوتِ اكْسِرْ انجَلاَ
المعنى أنه روى إسكان هاء ضمير المذكّر الغائب المنفصل المرفوع وكذا المؤنث إذا وقع كل منهما بعد الفاء أو الواو أو اللام الإبتدائية نحو: {فهْو خير}، {فهْي خاوية}، {وهْو واقع}، {وهْي تجري}، {لهْو الغني}، {لهْي الحيوان}. وكذا {ثمّ هْو يوم القيامة} في القصص. وروى بيوت كيف جاء نحو: {وأتوا البيوت}، {بيوتا غير بيوتكم}، {من بيوتهن}؛ بكسر الباء.
نِعِمَّا اخْتَلِسْ سَكِّنْ كَتَعْدُوا يَخَصِّمُو = يَهَدِّي. وَهَاأَنْتُمْ مَعَ الْفَصْلِ سَهِّلاَ
وَمَعْ قَصْرِهِ ذَا الْفَصْلِ أَطْلِقْ وَإِنْ تَمُدْ=فَبِالْمَدِّ لاَ غَيْرُ اقْرَأَنْ كَيْ تُفَضَّلاَ
المعنى أنه روى {فنعمّا هي} في البقرة و {نعمّا يعظكم} في النساء باختلاس كسرة العين وباسكانها أيضا. و {لا تعدّوا} في النساء باختلاس فتحة العين وبإسكانها أيضا. و {أمن لا يهدّي} في يونس باختلاس فتحة الهاء وبإسكانها أيضا. و {هم يخصّمون} في يس باختلاس فتحة الخاء وبإسكانها أيضا. ومعنى الإختلاس اختطاف الحركة بسرعة حتى يذهب القليل ويبقى الكثير فهو عكس الروم. وقد أهمل الشاطبي ـ رحمه الله تعالى ـ ذكر الإسكان في الجميع مع أنّ الداني ذكره في التيسير وجعله هو النص عن قالون وبصّ في بعض كتبه على الوجهين وصححهما المحقق. وجرى عملنا على الأخذ بهما مع تقديم الإسكان. ولا مبالاة من الجمع بين الساكنين في مثل ذلك لثبوت القراءة به. وروى {هاأنتم} في موضعي آل عمران وفي النساء والقتال بتسهيل الهمزة بين بين مع القصر والمد ويأتي على قصرها قصر المنفصل ومده. ويأتي مده فقط على مدها ففيها ثلاثة أوجه.
رَأَيْتَ فِي الاسْتِفْهَامِ سَهِّلْ وَفِي أَنَا= لَدَى كَسْرِ هَمْزٍ مُدَّ بِالخُلْفِ وَاصِلاَ
المعنى أنه روى {أرأيت} كيف وقع مصحوبا بهمزة الإستفهام نحو: {أرأيتكم}، {أفرأيتم}، {أفرأيت} بتسهيل الهمزة الثانية بينها وبين الألف وجها واحدا. (واختلف) عنه في {أنا إلا نذير} في الأعراف والشعراء والأحقاف وصلا بين إثبات الألف بعد النون وحذفها. وذكر الوجهين في الشاطبية واقتصر في التيسير على الإثبات وصححهما المحقق وجرى عملنا على الأخذ بهما مع تقديم الإثبات. وعلى الإثبات يدخل في باب المنفصل فيساويه قصرا ومدا لدخوله في حدِّه حينئذ.
وَرَا قُرْبَةٌ سَكِّنْ وَبِالخُلْفِ يَا أَهَبْ= وَرِءْيًا فَأَبْدِلْ مُدْغِمًا تَغْدُ فَاضِلاَ
المعنى أنه روى {قربة لهم} في التوبة بسكون الراء. (واختلف) عنه في {لأهب لك} في مريم بين الياء كورش والهمزة كغيره وجرى عملنا على الأخذ بهما مع تقديم الهمز في الأداء. (وروى): {رءيا} في مريم أيضا بإبدال الهمزة ياء وإدغامها في الياء بعدها. لِيَقْطَعْ فَسَكِّنْ مَعْ لِيَقْضُواكَحَرْفِ عَنْ ـكَبُوتٍ وَهَمْزَ اللاَّءِ حَقِّقْهُ مُسْجَلاَ المعنى أنه روى {ثمّ لْيقطع} و {ثمّ لْيقضوا} كلاهما في الحج و {ولْيتمتعوا} في العنكبوت بإسكان اللام في الثلاثة. وروى أيضا {اللائي} في الأحزاب والمجادلة وموضعي الطلاق بتحقيق الهمزة بلا ياء في الحالين.
وَبِالْيَا مَعَ التَّشْدِيدِ صِلْ لِلنَّبِي إِنْ=بُيُوتَ النَّبِيِّ سَكِّنْ أَوَابَاؤُنَا كِلاَ
المعنى أنه روى {للنبي إن أراد} و {بيوت النبي إلا} كلاهما في الأحزاب بإبدال الهمزة ياء في الوصل ووافق ورشا على الهمز في الوقف. وروى {أوآباؤنا} في الصافات والواقعة بسكون الواو.
وَسَكِّنْ وَزِدْ هَمْزًا كَوَاوٍ أَؤُشْهِدُوا= مَعَ الْفَصْلِ بِالْخُلْفِ. الْمُرَادُ تَكَمَّلاَ
بِحَمْدِ إِلَهِي مَعْ صَلاَتِي مُسَلِّمَا=عَلَى المُصْطَفَى وَالآلِ وَالصَّحْبِ وَالْوِلاَ
المعنى أنه ورد عنه في {أؤشهدوا خلقهم} في الزخرف وجهان: أحدهما إدخال ألف الفصل. والثاني تركها. وجرى عملنا على الأخذ بهما مع تقديم الأول في الأداء. وأشار الناظم بقوله المراد تكملا إلى تمام المقصود من هذه المنظومة. وحَمِدَ الله سبحانه وتعالى وصلى على نبيه في ختام نظمه كما بدأه بذلك رجاء قبوله لأنه سبحانه وتعالى أكرم من أن يقبل الطرفين ويريد ما بينهما. وأردف الصلاة بالسلام هنا دفعا لكراهة إفراد أحدهما عن الآخر. إن قلتَ قد أفرد الناظم الصلاة عن السلام في أول النظم، قلتُ لا لأنه ليس المراد بالجمع بينهما أن يكونا مقرونين بل المراد أن لا يخلوا الكلام أو المجلس عنهما معا ولا يخفى أن النظم كله كلام واحد. وقوله والصحب اسم جمع لصاحب بمعنى الصحابي والمراد بالولا الإتباع. وهذا آخر ما يسره الله تعالى والحمد لله أولا وآخرا: وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم. وكان الفراغ من نسخه وقت شروق شمس يوم الأربعاء المبارك السابع والعشرين من شهر ربيع الأول سنة 1355 هجرية.
كتبه: علي محمد الضّبّاع