تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أما ما هو أصل فيها فهو النون والميم فرعية عنها بدليل أن النون تعمل في النون وغيرها ولا كذلك الميم ولأن الميم أيضا قد تنوب عنها الباءحرصا علي دوام مزيتها وهي الغنة ولذلك كان أخفاء الميم المنقلبة نونا واجبا ولا قائل بعدمه بخلاف الميم الأصلية إذا وقعت قبل الباء فإن في إخفائها خلافا لأن إخفاء الميم عند الباء حينئذ ليس مرادا بالذات لاتحاد المخرج فكان حق المقام الإدغام لأن التجانس يقتضيه لكن لما كان يترتب علي الإدغام ذهاب مزية الميم وهي الغنة أقيم الاخفاء مقامه لبقاء الغنة معه ولذلك أدغم البا المتقدمة علي الميم فيها لبقاء تلك المزية فأخفاء الميم عند الباء عوض عن إدغام إن كانت الميم أصلية سواء

كانت منقلبة عن نون فهو إخفاء سببه الإقلاب فيكون إخفاء بواسطة الإقلاب وإخفاء النون عند حروف الاخفاء ليس قائما علي شيء ولا متسببا عن شيء فلهذا أسموه حقيقيا ولا تدغم الميم إلا في مثلها فظهر من هذا أن النون سيدة الحروف. أ. هـ اللطائف المحسنة في مباحث الغنة لإبراهيم الدسوقي الحضري مخطوط بدار الكتب

مخرج الغنة

مخرج الغنة من الخيشوم وهو خرق الأنف المنجذب إلي داخل الفم. وقيل: أقصي الأنف - أي إن صوت الغنة بجميع أحواله يخرج من الخيشوم ودليل ذلك أنك لو أمسكت الأنف لانحبس خروجه مطلقاً حتي في حال ضعفه عند تحريك النون والميم مخففتين أو سكونهما مظهرتين كما يشهد بذلك النطق. . أ. هـ شرح ابن يالوشة وهداية القاري

وهنا سؤال يطرح نفسه: هل الغنة حرف أم صفة؟

سوف أذكر اختلاف العلماء في هذا في بحث المخارج والصفات لكن الصحيح أن الغنة صفة إذ لا تأتي مستقلة بنفسها أبدا ولا وجود لها بدون حرف ومن ثم كانت صفة لأنها تابعة وعليه جمهور العلماء حتي ابن الناظم نفسه ـــ أحمد بن الجزري ــ قال: (وعد الغنة من المخارج لا يخلو من إشكال). وعلي أية حال فالخلاف لفظي ولن يؤثر علي شيء في القراءة. والله أعلم يضيف لنا الشيخ المرصفي: (لا يخرج من الخيشوم إلا صوت الغنة فقط دون حروفها في كل ما تقدم سواء كانت الغنة للإخفاء أو للإدغام وهذا هو ظاهر كلام الحافظ ابن الجزري في الطيبة والمقدمة الجزرية حيث يقول فيهما: "وغنة مخرجها الخيشوم" ومن صرح من المتقدمين زمناً علي الحافظ ابن الجزري بخروج صوت الغنة من الخيشوم فقط دون حروفها الإمام أبو الحسن بن بري حيث يقول في الدرر اللوامع:

والغُنَّة الصوت الذي في الميمِ ... والنُّون يخرُجُ من الخيْشُومِ

ويؤيد ذلك أيضاً قولهم في تعريف الغنة السابق إنها صوت يخرج من الخيشوم لا عمل للسان فيه ويؤخذ من هذا القول أمران:

الأول: أن الذي يخرج من الخيشوم هو صوت الغنة فقط لا حروفها.

الثاني: أن الغنة ليست حرفاً كما في إطلاق بعضهم أو تخصيصه لأن الحروف يعمل فيها اللسان لإخراجها والغنة ليست كذلك بل هي صفة تابعة لموصوفها اللساني أو الشفوي أي النون والميم: الأمر الذي أوجب إلحاقها بالصفات اللازمة المشهورة التي لا ضد لها كما تقدم فهي لا تقل أهمية عن القلقلة وقد عدها من الصفات جمع من العلماء كالإمام ابن بري وغيره ولا يعكر علينا ذكرها مع المخارج فلكل وِجْهةٌ. فمن ذكرها في المخارج نظر إلي أن لها مخرجاً وهو الخيشوم فذكرها معه وعدها من الحروف تغليباً للحروف عليها. ومن ذكرها في الصفات نظر إلي أنها صفة اختصت بمخرج دون سائر الصفات فعدها منها تبعاً لها). أ.هـ هداية القاري

وما أجمل تحليل الشيخ إبراهيم الدسوقي الحضري لسبب قول البعض: بأن الغنة صفة ولقول البعض الآخر: إن الغنة حرف حيث قال: ((وأشرك بعضهم بالخيشوم عمل اللسان بالنسبة للنون والتنوين والشفتين بالنسبة للميم ولعله لاحظ في ذلك مخرج تلك الحروف الثلاثة لأن الغنة تابعة لهن ويدل لذلك أنك إذا أمسكت الأنف حال نطقك بحرف من تلك الحروف الثلاثة لم تجد له صورة كاملة إلا أن عمل اللسان وكذا الشفتان قوي بالنسبة لتلك الحروف ضعيف بالنسبة للغنة) أ. هـ اللطائف المحسنة في مباحث الغنة لإبراهيم الدسوقي الحضري

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير