تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثم هو إلى ذلك ختم عرضه بأقوال المانعين من صوت الهاء كالفاسي والشامي (أبي شامة) والجعبري، وهي كلها تنقض كل ما بناه، لكنه لم يعلق عليها بحرف، وكأنه إنما جاء بها ليبين تعادل الكفتين واستواء الخلاف بين الطرفين.

ولهذا كان سكوته عن التعليق ذريعة إلى الأخذ بمذهب الجواز استنادا إلى مازعموه من نقله له ودعواهم أن الأخذ عم به كما نجد مثلا في قول الشيخ مسعود جموع في "الروض الجامع" حيث نقل التنبيه الذي نبه به هنا شيخه ابن القاضي بنصه، إلا أنه أدرج فيه بعد ذكر الجواز مطلقا قوله:

"وبه قال الحافظ أبو عمرو ثم قال: "وبه الأخذ عندنا بفاس والمغرب" ().

وإذا كان الشيخ ابن القاضي قد جمجم في هذه القضية ولم يفصح عن مذهبه في "الفجر الساطع" فإنه في غيره من كتبه ك"كتاب المفردات" قد صرح بالجواز كما سيأتي.

في كتابه قرة العين:

وأما في كتابه "قرة العين" "فقد اضطرب رأيه بين ما قرره في أوله وما انتهى إليه في آخره.

وأصل التأليف المذكور أنه ورد عليه سؤال "من بعض الفضلاء" في "مسألة حمزة إذا وقف على الهمز في "رءا ونحوه فإنه يقف بإمالة الألف والهمزة والراء مع تسهيل الهمزة بين بين أي: بين الهمزة وبين حرف مد ولين يجانس حركتها، وهو الألف في الممال، فالهمزة مشتملة على طرف من الهمزة المحركة وطرف من الحرف الساكن، فكيف يتأتى مع هذه الحالة إمالتها؟ …" .. وأما على من يجوز نطق الهاء فلا إشكال في إمالتها، جوابا شافيا.

ويقع الجواب في ثمان ورقات من القطع المتوسط () أوله قوله: "الحمد لله مسهل الأمور مبين الخفاء…ثم قال بعد التصدير:

"فنقول ـ وبالله التوفيق ـ: "اعلم أن الجاري عندنا بأرض المغرب في تسهيل بين بين جعلها هاء خالصة، فمن قرأ بذلك فقد أبدل الهمزة هاء فلها مخرج معين وحيز محقق فعلى هذا الوجه لا إشكال فيه، ولا يلتبس على الناظر في أول وهلة. وهذا القول هو أحد الأقوال الثلاثة، والثاني: لا يجوز صوت الهاء مطلقا، والثالث: يجوز صوت الهاء في المفتوح لخفته وعدم التبعيض دون غيره كما في الروم والإشمام، وإليها أشرنا: "واختلفوا في النطق بالتسهيل …وساق البيتين السابقين ثم قال: وقد جمع الأقوال الثلاثة أبو وكيل ميمون في بيت واحد فقال:

واحذر صويت الهاء عند النطق وقيل لا، أو عند فتح فابق

قال: وأشار بعضهم إلى طريق المنع بقوله:

"ومن يمل بصوته للهاء فخارج عن سنن القراء

قال: "ويؤيده ما قال في "الكنز" .. ثم نقل ما تقدم من قوله: "أن يحترز في التسهيل عن الهاء، "وأتبعه بنقل قول الفاسي في "اللألئ الفريدة" ثم قال:

"فمذهب أهل الأداء المعمول عندهم أنها تسهل بين بين كما هو مصرح به في كتبهم كالتيسير والشاطبية والدرر، وهم القدوة دون غيرهم، لأن الرواية من طريقهم، ولا يجوز لأحد أن يقرأ بغير طريقهم".

ثم أخذ يشرح معنى قولهم تسهل الهمزة "بين بين" ونقل عن أبي وكيل في التحفة بيتين في حقيقة التسهيل كما قدمناهما، وأتبع ذلك بنقل ما قدمنا من قول ابن أبي السداد عن التسهيل أنه يستعمل لفظه مطلقا ومقيدا، ونقل عن الكنز والشاطبية والمهدوي والقيسي وجماعة ثم قال في نهاية الجواب:

"فحصل بما ذكرنا أن الهمزة المسهلة ليست مشتملة على طرف من الهمزة وطرف من الألف كما هو المعتقد عند الناس، وكما سطر في السؤال على جهة الإقرار، إذ لا قائل به، بل إنما الممال حرف الهاء المبدل من الهمزة كما تقدم، وبه وقع الأخذ عندنا بأرض المغرب، ووقعت المشافهة به عن الأشياخ المقتدى بهم ثم قال ابن القاضي:

فإن قلت: هل يجوز لنا أن نأخذ بالحقيقة التي سطرنا كما هو المنصوص؟

الجواب: "لا يجوز، لأنهم اشترطوا فيه المشافهة، وقد عدمت فانعدم.

وأيضا حرف الهاء نص عليه الداني، فلنا مندوحة عن الأخذ به ـ يعني بين بين ـ إذ لم نقدر على الإتيان به لعدم الأخذ، اللهم إن ساعدتك حافظتك، يجوز لك منفردا لا في الرواية للكذب والافتراء فاعلم، إذ لم نروه عن أحد".

ثم نقل قول أبي داود سليمان بن نجاح في "كتاب التنزيل" كما تقدم نقله مستدلا بقوله فيه: ليس للقياس طريق في كتاب الله- عز وجل- إذ هو سماع وتلقين، لقوله عليه السلام: لا يجوز أن يقرأ أحد إلا بما أقرئ وسمع تلاوته من القارئ على العالم، أو من العالم على المتعلم على قصد منهما:"وختم بقول مماثل للإمام الجعبري.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير