وحقيقة ما أراد الحافظ: ألا تلصق طرف لسانك بما يقابله من مقدم الفم وتبقي الغنة في الأنف ... )) 452
فعند القلب لم يذكر الغنة وذكرها عند الإخفاء فدل ذلك علي المغايرة عنده في الحكم، بل قال" ثم تلفظ بالباء متصلة بالميم" ولم يذكر أن هذا الاتصال يفصل بينهما بغنة، وهو ما قاله ابن الجزري: وما وقع في كتب بعض متأخري المغاربة من حكاية الخلاف في ذلك فوهم).
ومع فرض أنه أراد القلب علي حقيقته ـ أي مع الغنة ـ فقد ظهر أن هذا من مذهب المغاربة خلطوا بين المذهبين مذهب الإظهار ومذهب الإخفاء. وهو ما عبر به المرادي " أما الغنة فقد نص مكي على أن النون الساكنة إذا أبدلت ميما فالغنة لابد من إظهارها"
ومن المعلوم أن مذهبهم في الميم الساكنة عند الباء الإظهار، لأن المرادي قال: (و أما الإخفاء ففيه نظر) ثم قال: والذي يظهر أن النون الساكنة إذا أبدلت قبل الباء أعطيت حكم الميم الأصلية إذا وقعت قبل الباء. ا. هـ ولذا أعطوا حكم القلب حكم إخفاء الميم الصريحة وهذا يظهر في قوله " أن النون الساكنة إذا أبدلت قبل الباء أعطيت حكم الميم الأصلية إذا وقعت قبل الباء" وهذا يؤكد ما قاله ابن الجزري في متأخري المغاربة.
ثم جاء مَن خلط بين المذهبين فقرأ بميم صريحة ثم صاحبها بالغنة ومن هنا ظهرت القراءة بالإطباق.
والذي يقوِّي هذا الوجه ما ذكره الجعبرى رحمه الله فى منظومتة (حدود الإتقان فى تجويد القرآن) و قد حققه الأخ جمال السيد رفاعى فى كتابه (مجموعة من المتون و المهمات فى التجويد و القراءات و الرسم و عد الأيات) الناشر مكتبة الإيمان القاهرة ت 3452302 ووضع فى الكتاب 24 متنا من متون القراءات المختلفة و ذكر المحقق داخل الكتاب أن متن حدود الإتقان حققة محمد محفوظ و طبع بدار الغرب الإسلامى ببيروت.
((وقد جاءني بالدليل الشافى الكافى على وجوب الفرجة الشيخ محمود عبد الرحمن الحسينى حفظه الله وقال: إنه وجد فى مخطوطة للجعبرى رحمه الله يقول فيه (لاطباق اتقيا) فلم أصدق لأول وهلة أن ينفى الأطباق بهذا التصريح , ذلك مع ثقتى فى أخينا الشيخ محمود حفظه الله فهو من الشيوخ أصحاب الهمه العالية و الخبرة فى مسألة البحث فى المخطوطات و قد حقق من قبل (المنظومه فى طريق الإمام ورش من أصول و فرش) للعلامة سليمان الجمزورى و كذلك له أبحاث مفيدة بارك الله فيه.ثم أخبرني بأن المتن مطبوع))
ونقلي نظرة علي ترجمة الإمام الجعبري قال الذهبي في (معرفة القراء الكبار): ابراهيم بن عمر ابن إبراهيم الشيخ الإمام العالم المقرئ الأستاذ برهان الدين أبو إسحاق الجعبري شيخ بلد الخليل عليه السلام من بضع وعشرين سنة له شرح كبير للشاطبية كامل في معناه وشرح الرائية وقصيدة لامية في القراءات العشر قرأتها عليه وأخرى في الرسم وأخرى في العدد تخرج به جماعة وهو الآن باق قد قارب الثمانين)) 1/ 378
قال عنه ابن الجزري في (غاية النهاية): إبراهيم بن عمر بن إبراهيم بن خليل بن أبي العباس العلامة الأستاذ أبو محمد الربعي الجعبري السلفي بفتحتين نسبة إلى طريقة السلف محقق حاذق ثقة كبيرة، شرح الشاطبية والرائية وألف التصانيف في أنواع العلوم، ولد سنة أربعين وستمائة أو قبلها تقريباً بربض قلعة جعبر ...... ) ا. هـ1/ 20
يقول الجعبرى ـ رحمه الله ـ وهو يصف كيفية الإخفاء وصفا أقوي وأوضح من قول المرعشى ـ:
46. الساكنين اجمع بوقف الهجا ... وقياس غير بعد حرف زمان
47.حرك والاصل الكسر الأول وقد أخذ ... قل و يؤى الله ذو الإحسان
48. لادغام خف مماثلا و مناسبا ... و امنع لشد النون والنقصان
49. لقوى أجز للكوفى و البصري و ما ... هو مختلف إذا لم يلتق الكفان
50. سكن لإخفا اقلب و لإطباق اتقيا ... واتمم لشد المحض ضمن الثانى
51. وهو الكبير اشمم سوى شفهية ... فمجاور أيضا به الوجهان
52. أوجبت بمثل ساكن لها مدة ... طرف وجاد بماليه قولان
وقد أتيتُ بالسابق و اللاحق (رغم أننا لا نريد إلا البيت رقم (50) ألا و هو
(سكن لإخفا اقلب و لإطباق اتقيا) حتى يتضح الكلام من أوله.
أما البيتان (46،47) يتحدث فيهما عن الساكنين و كيفية التخلص من الساكنين و ليس من موضوعنا. و البيتان رقم (48،49) يتحدث عن المثلين و مافيهما إلى قوله و للكوفى.
¥