تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

و أما قوله (والبصرى وما: هو مختلف إذا لم يلتقى الكفان) يقصد بهما المتقاربين و المتجانسين في مذهب البصري

ثم ذكر البيت رقم (50) و هو بيت القصيد

قوله: (سكن) أى يتحدث فيه عن حرفين متحركين وهو المسمي بالإدغام الكبير لأنه هو الذي يسكن ثم يخفي أو يدغم حسب ما بعده من الأحرف.

وقوله: (لاخفا) وحكم الإخفاء بعد تسكين الحرف لا يكون إلا فى حكم الميم مع الباء كما هو معلوم ولا يبقي مع الإخفاء قلب قال الداني: ... والقراء يعبرون عن هذا بالإدغام وليس كذلك لامتناع القلب فيه وإنما تذهب الحركة فتخفى الميم .... ) ا. هـ

قال ابن الجزرى فى الطيبه: (و الميم عند الباء عن محرك ...... تخفى ... )

وقال الشاطبى فى الحرز (وتسكن عنه الميم من قبل بائها ..... على إثر تحرك فتخفى ... )

وهو ما ذكره الإمام الجعبرى فى البيت الثانى (رقم 51) بقوله: و هو الكبير ....

وقوله (لاطباق اتقيا) هذا خاص بإخفاء الميم عند الباء

وأما قوله (اقلب) أى إقلب الحرف الأول من جنس الثانى بعد تسكينه وهذا لا يكون إلا في الإدغام الكامل وهو ما وصفه بقوله (وأتمم لشد المحض ضمن الثانى)

ذكر الجعبري قاعدة الإخفاء والقلب معا، ثم جاء بوصف كل منهما فيما بعد، ونظير هذا الأسلوب قد جاء في الحرز: وَيُسْمِعُ بَعْدَ الْكَسْرِ وَالضَّمِّ هَمْزُهُ لَدى فَتْحِهِ يَاءًا وَوَاوًا مُحَوَّلاَ))

قال أبوشامة معلقا: وهذا البيت فصيح النظم حيث لف الكلام فجمع بين الكسر والضم ثم رد إليهما قوله ياء وواوا فردت الفطنة الياء إلى الكسر والواو إلى الضم فهو من باب قوله تعالى (ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله)، وقول امرئ القيس، (كأن قلوب الطير رطبا ويابسا لدى وكرها العناب والخشف البالي) ا. هـ1/ 238

وكذا هنا يُرَدُّ اتقاء الإطباق إلي الإخفاء، ويرد القلب للإدغام لأنه لايصح الإدغام في المتقارب والمتجانس إلا بعد القلب في الحرف الأول. قال الداني في كتاب الإدغام: ... وحقيقة إدغام الحرف المتقارب أن ينقلب إلي لفظ الثاني ثم يدغم .. ) ا. هـ 29

و قد يعتقد البعض أن الإخفاء المقصود به الاختلاس؟

أقول: الأمر واضح بأنه إخفاء حرف و ليس حركة لقوله (سكن لاخفا) فالإسكان لا يكون معه حركة ولا أبعاضها.

وقد يقول القائل بأنه يقصد أن يتقي القارئ شدة الضغط لا الفرجة.

أقول: لو أراد ذلك لقال: (ولاطباق اخّففا) مثلا أو عبر بأي تعبير عن التخفيف وليس الاتقاء

قال ابن الناظم رحمه الله فى شرح الطيبة عند قول الناظم فى طيبته (و الميم عند الباء عن محرك ..... تخفى) الإخفاء حاله بين الإظهار و الإدغام

و لم نسمع أحدًا من القدامى اعترض على قول الجعبرى مثلما اعترضوا عليه فى مسألة ترقيق الألف بعد الحرف المفخم.

فكلام صريح باتقاء الإطباق ولا أصرح من ذلك .... ماذا يقول إخواننا في مثل هذه النصوص الواضحة البيّنة.

والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف نتقي الإطباق مع الملامسة بين الشفتين؟؟

وإلي إخواني أيضا قولا واضحا غير قول الجعبري، قال صاحب الطرازات المعلمة" وهو الإمام الأزهري وهو تلميذ ابن الجزري المباشر، وهو يوجه الإقلاب ( ... وذلك لعسر الإتيان بالغنة مع انطباق الشفتين حال الإظهار ولم يدغما في الباء لقلة المناسبة بينهما)) 107 فذكر عسر الإتيان بالغنة مع انطباق الشفتين، فكيف تكون حال الشفتين عن الإتيان بالغنة إن لم تكونا مطبقين؟؟ ألم ينفي الإطباق يا إخواني؟؟ ألم يقل: لا غنة مع انطباق الشفتين؟؟

ومن هنا يتضح لنا أن النص واضح لا مرية فيه وهذا مع تعريفات القدامي للإخفاء بأنه حالة بين الإظهار والإدغام وهذا ما فسره المرعشي بقوله: فقال " والظاهر أن معنى إخفاء الميم ليس إعدام ذاتها بالكلية بل إضعافها وستر ذاتها فى الجملة بتقليل الاعتماد على مخرجها وهذا كإخفاء الحركة فى قوله "لا تأمنا" إذ ذلك ليس بإعدام الحركة بالكلية بل تبعيضها." أ. هـ.

فلا يقول بزوال الميم ولكن بتبعيض المخرج , وقوله " بتقليل الاعتماد على مخرجه " وهو ما نعنيه بالفرجة , إذ إن إطباق الشفتين والتلاصق من غير كز لا يخرج الميم من كونه بملامسة الشفتين فلا يوجد فيها تبعيض , وهذا ظاهر. وأمام قول المرعشي وقف أصحاب الإطباق حائرين: أجاب بعضهم فقالوا هذا يدل علي عدم الكز " ولفساد هذا القول إليك نص ممن يقول بالإطباق وهو د /غانم قدوري قال بعد نص المرعشي السابق:" ولا يبدوا الفرق جليا بين إخفاء الميم وإظهارها في كلام المرعشي السابق، مع تقديرنا لدقة تحليله ولا نكاد نجد تفسيرا لقوله في أول كلامه: إن إخفاء الميم هو إضعافها بتقليل الاعتماد علي مخرجها، فالناطق لا يحتاج إلي تكلف هذا النوع من الإخفاء حين ينطق الميم ساكنة قبل الباء، ويكفيه أن يضم شفتيه ويجري النفس من الخيشوم ..... " الدراسات الصوتية عند علماء التجويد صـ393

فكما تري وقف حائرا لأن النص واضح في تبعيض المخرج وهو ما نسميه بالفرجة، ولم يتعسف مثل البعض في تأويل النص.

ولاضير في أن يعود قراء الشام إلي مذهب الإمام ابن مجاهد والداني وابن الجزري لأن أسانيدهم من قِبل ابن الجزري.

وإنى أدعو إخواننا قراء الشام و غيرهم ممن ساروا على نهجهم بأن يعودوا إلى الوجه الصواب , فقد رجع كثير من القراء عن أوجه كانوا يقرؤن بها ولا ضير في ذلك،و إليكم بعض ما ذكر بهذا الخصوص:

قال الدانى فى جامع البيان ( ..... وقد خالف محمد بن الجهم من القراء فى ذلك محمد بن أحمد بن واصل فروى عن سلمة بن عاصم عن الفراء: أن الكسائى رجع بعد ذلك إلى مذهب حمزة .... و العمل و الأخذ برواية ابن الجهم و بذلك قرأت ا. هـ صـ149

وفى صـ 176 قال: (حدثنا عبد الباقى بن الحسن عن زيد بن على أنه سمع ابن مجاهد سنة ثلاثمائة يقرأ (و لتأت طائفة) (و يخل لكم) بالإدغام ثم رجع إلى الإظهار فى آخر العمر ا. هـ

و اختم برجوع ابن الجزرى عن القول بترقيق الألف إذا جاءت بعد حروف التفخيم و كذلك كان سلفنا يبتغون الحق و يرجعون عن أخطائهم إذا تبين لهم الصواب.

هدانا الله و إياكم إلي طريق الحق والصواب.

و السلام عليكم و رحمه الله و بركاته

(كتبه أبو عمر عبد الحكيم عبد الرازق فولى)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير