ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[06 Jun 2009, 01:06 ص]ـ
أخي الشيخ لا أريد أن أصل إلى شيء ما بل أريد أن أبحث عن الحقّ بالمدارسة فقط، وإن كان لك ما يُطبق قولي فأهلاً وسهلاً به فإنّي لا أخشى أن أكون واهماً إن كان الهدف الوصول إلى الحقّ.
وأستبعد أن توافقني فيما أقول لأنّه لو اتضّح أنّ الخلاف في المسألة لفظيّ فلا يبقى للفرجة حياة بل ستُطبق كانطباق الشفتين حال إخفاء الميم الساكنة. (ابتسامة)
ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[06 Jun 2009, 11:04 ص]ـ
قال عبد الوهاب القرطبي: " الميم: إذا سكنت وبعدها باء وجب إخفاء الميم معها كقوله تعالى: {وأن احكم بينهم}، {أنبئهم بأسمائهم}، {هم به يؤمنون} وذلك أنّ الباء قَرُبت من الميم في المخرج فامتنع الإظهار، واستوتا في أنّ كلّ واحدة منهما تنطبق بها الشفتان فتحقّق الاتصال والاستتار، وامتازت الميم عنها بمزيّة الغنّة فامتنع الإدغام فلم يبق إلاّ الإخفاء.
وقد اختلف القرّاء في العبارة عنها، فقال بعضهم: هي مخفاة لانطباق الشفتين عليهما كانطباقهما على أحدهما، وهو مذهب ابن مجاهد، قال ابن مجاهد: والميم لا تُدغم في الباء لكنّها تُخفى لأنّ لها صوتاً من الخياشيم تواخي به النون الخفيّة. وقال آخرون: هي مبيّنة للغنّة التي في الميم.
وقال بعضهم: أخذنا عن أهل الأداء بيان الميم الساكنة عند الفاء والواو والباء في حُسْن من غير إفحاش. وقال بعضهم: أجمع القراء على تبيين الميم الساكنة في جميع القرءان إذا لقيت باءً. والأوّل هو القول.
فأمّا عبارة بعضهم عن ذلك بالبيان فالذي عندي أنّهم لم يريدوا البيان الذي هو التفكيك والقطع، لأنّ ذلك إذا لُفظَ به جاء في الغاية من الثقل والاستبشاع، وإنّما أرادوا بالبيان عدم الإدغام لأنّ جماعة من أغمار القراء ذهبوا إلى أنّه إدغام فسمّوه بياناً ليُنبّهوا على أنّه ليس بإدغام، وإن كان إخفاءً " انتهى كلامه رحمه الله تعالى (الموضح ص172، 173،174).
أقول: عبارة القرطبي الأخيرة تغني عن التوضيح والتفسير وذلك عند قوله: "فأمّا عبارة بعضهم عن ذلك بالبيان فالذي عندي أنّهم لم يريدوا البيان الذي هو التفكيك والقطع، لأنّ ذلك إذا لُفظَ به جاء في الغاية من الثقل والاستبشاع، وإنّما أرادوا بالبيان عدم الإدغام لأنّ جماعة من أغمار القراء ذهبوا إلى أنّه إدغام فسمّوه بياناً ليُنبّهوا على أنّه ليس بإدغام، وإن كان إخفاءً "
بالإضافة أنّه نقل تفسيراً لسبب تسمية الحكم بالإظهار بقوله: "وقال آخرون: هي مبيّنة للغنّة التي في الميم." وقال: "وإنّما أرادوا بالبيان عدم الإدغام لأنّ جماعة من أغمار القراء ذهبوا إلى أنّه إدغام فسمّوه بياناً ليُنبّهوا على أنّه ليس بإدغام، وإن كان إخفاءً "
أكتفي بما ذكرت لجلاء الأمر ووضوحه.
وألفت نظر أخي عبد الحكيم أنّ في النصوص التي نقلتها لك ما يدلّ دلالة قاطعة على وجوب انطباق الشفتين في الميم المخفاة وهي ثلاثة أقوال على التالي:
الأوّل: قول الداني: "وقال بعضهم هي مخفاة لانطباق الشفتين عليهما، كانطباقهما على إحداهما."
الثاني: قول طاهر ابن غلبون: "أمّا الميم مع الباء فهي مخفاة لا مدغمة، والشفتان أيضاً ينطبقان معهما "
الثالث: قول القرطبي: "واستوتا في أنّ كلّ واحدة منهما تنطبق بها الشفتان فتحقّق الاتصال والاستتار ".
أقول: هذه نصوص ما اردتّ الاستدلال بها على بطلان الفرجة وإنّما وجدّها صدفة عند نقلي لها، فإن عطّلنا هذه النصوص ...................... بدون تعليق.
ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[07 Jun 2009, 01:20 ص]ـ
قال ابن الباذش: "من ذلك الميم عند الباء: نحو {كذبتم به}، و {آمنتم به}، {ومن يعتصم بالله}، و {أن بورك}، و {هنيئاً بما}، و {صمّ بكم} ونحوه كثير.
فاختلفت عبارات القراء بعد إجماعهم، إلاّ من شذّ وسنذكره على أنّ الإدغام لا يجوز" (الإقناع ص64).
أقول: من خلال هذ النصّ نستنبط ما يلي:
أوّلاً: إنّ الخلاف في الميم الساكنة عند الباء خلاف لفظيّ لقوله: " فاختلفت عبارات القراء بعد إجماعهم " ولو كان الخلاف حقيقياً أدائياً لما استعمل لفظ (عبارات) الدالة على اللفظ والتسمية دون الأداء.
ثانياً: ذكر الخلاف في العبارة بعد أن نقل الإجماع، ولا شكّ أنّ المراد بالإجماع هنا هو الإجماع على الإظهار كما نصّ على ذلك غير واحد من أهل الأداء. فذكر الإجماع على الكيفيّة والأداء ثمّ عرّج على الخلاف في العبارة واللفظ. إذ لو قصد الخلاف في الأداء لتقابل ضدّان وهما الإجماع والخلاف في آن واحد وذلك مستحيل. لذا فإنّه نقل الإجماع على أداء الميم الساكنة عند الباء ثمّ ذكر الخلاف في العبارة.
ثالثاً: ذكر الخلاف في العبارة بعد انعقاد الإجماع، فأراد أن يقول إنّ المتقدّمين لم يختلفوا في أداء الميم عند الباء ثمّ اختلفوا في اللفظ والعبارة بعد أن أطلق ابن مجاهد لفظ الإخفاء على الميم الساكنة عند الباء. ودليل ذلك أنّه نقل نصّ ابن مجاهد مباشرة بعد كلامه المنقول هنا فقال: "قال ابن مجاهد: والميم لا تدغم في الباء لكنّها تُخفى، لأنّ لها صوتاً من الخياشيم تواخي النون الخفيفة، قال: وهو قول سيبويه ". وقد سبق ذكر مذهب مكي القيسي في الميم الساكنة حيث كان يقول بالإظهار خلافاً للداني مع التقاء سندهما بأبي الطيّب عبد المنعم بن غلبون، ويتصل سند مكي القيسي بابن مجاهد في رواية الدوري وابن حمدون عن أبي عمرو وكذا من رواية أبي الحارث عن الكسائي كما في التبصرة مع أنّ ابن مجاهد يقول بالإخفاء ومكي القيسي يقول بالإظهار، وهذا كلّه يدلّ على أنّ الخلاف لفظيّ.
وللحديث بقيّة إن شاء الله تعالى حيث لم أنتهي من نقل كلام ابن الباذش رحمه الله تعالى والتعليق عليه.
¥