أقول: هذا نصّ صريح يدلّ على وجوب إطباق الشفتين عند إخفاء الميم وعدم حمل الميم على النون كما فعل الشيخ العلامة السيّد عامر عثمان عليه رحمة الله تعالى إذ حمل الميم على النون قياساً ليُوافق الإخفاء الصحيح الذي يوجب إزالة مخرج الميم كما زال مخرج النون عند إخفائها. ولأجل هذا ما اعتبر أكثر أهل الأداء ذلك إخفاءً حقيقياً لبقاء ذات الميم وعدم زوال مخرجها.
قوله: "لأنّ للنون تصرّفاً ليس للميم، ألا ترى أنّها تُدغم ولا يُدغم فيها، والميم يُدغم فيها ولا تُدغم"
شرح العبارة: علّل السبب الذي من أجله لا يمكن حمل الميم على النون وهو كون النون تُدغم ولا يُدغم فيها لأنّها قابلة للزوال بالإدغام والإخفاء خلافاً للميم فإنّها غير قابلة لزوال ذاتها ومخرجها بل يبقى ذاتها مُظهراً بانطباق الشفتين في جميع الحالات، لذا فلا ينبغي إزالة ذاتها بالفرجة كما سيأتي صريحاً حفاظاً على مخرجها لأنّها لاتدغم إلاّ في مثلها فلا تزول مطلقاً.
قوله: "إلاّ أن يريد القائلون بالإخفاء إطباق الشفتين على الحرف إطباقاً واحداً فذلك ممكن في الباء وحدها في نحو {أكرم بزيد}، فأمّا في الفاء والواو فغير ممكن فيها الإخفاء إلاّ بإزالة مخرج الميم من الشفتين، وقد تقدّم امتناع ذلك."
شرح العبارة: أباح الناظم إطلاق لفظ الإخفاء شريطة إطباق الشفتين إطباقاً واحداً وهذا يدلّ على عدم إباحته الإخفاء إن كان بانفراج الشفتين أي بزوال ذات الميم ومخرجها. أي يمكن تسميته بالإخفاء مع الحفاظ على انطباق الشفتين انطباقاً واحداً خلافاً للفاء والواو فغير ممكن لأنّه لا يتأتّى ذلك إلاّ بإزالة مخرج الميم من الشفتين بترك فرجة بينهما وذلك ممتنع. وهذا نصّ آخر قويّ صريح يمنع انفراج الشفتين ويوجب إطباقهما عند إخفاء الميم لأنّه إن لم يكن كذلك لااستلزم زوال مخرج الميم وذلك ممتنع.
قوله:" فإن أرادوا بالإخفاء أن يكون الإظهار رفيقاً غير عنيف فقد اتّفقوا على المعنى، واختلفوا في تسميته إظهاراً وإخفاءً، ولا تأثير لذلك. وأمّا الإدغام المحض فلا وجه له."
شرح العبارة: أي إذا أرادوا بالإخفاء أن يكون إظهار الميم بانطباق الشفتين برفق فقد اتفقوا على اللفظ والمعنى والمسمّى أي يصحّ أن يقال إظهار أو إخفاء من هذا الباب ولا يؤثّر ذلك. أقول وهذا كلام صريح يدلّ على أنّ الخلاف في إظهار الميم وإخفائها لفظيّ.
وهذا نصّ يدلّ على أنّ انطباق الشفتين في الميم المخفاة يكون أرفق من الإظهار التام أي بتقليل الاعتماد على المخرج، وليس المرعشيّ أوّل من قال به وليس المراد من ذلك الفرجة كما يقول البعض لأنّ الفرجة تنفي اعتماد بالكليّة وسبب ضعف الاعتماد الشفتين في الميم المخفاة لأجل جريان الصوت من الخيشوم مما لا يوجب قوّة الاعتماد على الشفتين.
أقول في الختام إنّ الميم عند ابن الباذش وعند غيره لا تدغم ولا تُخفى على معنى زوال مخرجها فتظهر عند الباء مع انطباق الشفتين أثناء خروج الصوت من الخيشوم، فعدم زوال مخرج الميم عند الإخفاء هو الذي حمل أهل الأداء في اعتبار ذلك إظهاراً لا إخفاءً.
وللحديث بقيّة في شرح كلام ابن الباذش عليه رحمة الله تعالى.
ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[08 Jun 2009, 05:40 م]ـ
قال السخاوي في عمدة المجيد:
والميم عند الواو والفا مظهر ...... {هم في} وعند الواو في {ولدان}
لكن مع البا في إبانتها وفي ...... إخفائها رأيان مختلفان
أقول: عبارة السخاوي دالّة على الخلاف اللفظيّ في إخفاء الميم لقوله: وفي إخفائها رأيان مختلفان ولم يقل وجهان مختلفان لأنّ الخلاف اللفظي ينشأ عن اجتهاد وإعمال للرأي، والخلاف الأدائي الصحيح لا يُبني على الرأي المحض بل يُبني على الرواية والنصّ في الغالب. فقوله رأيان أي هو إخفاء على رأي البعض وإظهار على رأي البعض الآخر.
ـ[عبد الحكيم عبد الرازق]ــــــــ[09 Jun 2009, 11:50 م]ـ
السلام عليكم
بارك الله فيك يا شيخ محمد .. واصل ما تكتبه فأنا متابع معك متابعة جيدة، وعند ما تنتهي من كلامك دعني آخذ راحتي في الكلام.
ولا تنس أن تضع (انتهي كلامي) حتي أعرف أنك فرغت، فأكتب أنا وستجعلني أبدع في الردود يا شيخ محمد.
لك تحياتي .. وليباركك الرب
والسلام عليكم
ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[10 Jun 2009, 01:17 ص]ـ
وعليكم السلام
¥