كما أن المصاحف المطبوعة بالروايات الأربع قد اتفقت على أن قوله تعالى:] وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ [هو موضع الوقف، وإن اختلفت في العلامة الموضوعة له.
ففي المصحف الأميري، ومصحف المدينة المنورة، وكذا المطبوع برواية الدوري: علامة الوقف هي (صلى).
وفي مصحف الأزهر الشريف، والمصحف الباكستاني: فعلامة الوقف هي: (ج).
وانفرد مصحف الأزهر بوضع علامة الوقف الممنوع (لا) على قوله تعالى:] وَهَمَّ بِهَا [.
أما في المصحف المطبوع برواية ورش، ومصحف الجماهيرية، ومصحف دار الفجر الإسلامية، المطبوعين برواية قالون: فعلامة الوقف هي (صـ).
وأما في المصحف التركي: فعلامة الوقف هي (ق)، وهي علامة الوصل عند أكثر القراء، وقيل: يجوز الوقف، تبعاً للسجاوندي، ووضعت علامة الوقف الجائز: (ج) على قوله:] وَهَمَّ بِهَا [، تبعاً للسجاوندي أيضاً.
وتفرد الشيخ جمال القرش بعدِّ الوقف على هذا الموضع من الوقوف اللازمة.
فكثير من العلماء أجازوا الوقف على هذا الموضع، وإن اختلفوا فيما بينهم على مرتبته ودرجته؛ بين: التام، والحسن، والكافي – وهما متقاربان، وأكثرهم عليهما -، والجائز، وذكر بعض الأعاجم أنه من الوقوف المنزلة، أو المفروضة؛ أي أن الوحي انقطع عند هذا الموضع.
وهذان القولان ردَّهُما جمهور أهل العلم من السلف والخلف؛ من المفسرين والمحدثين واللغويين والنحاة، ووصفوا القائلين بهما بأنهم ممن خالفوا أقوال السلف، وتأوَّلوا القرآن بآرائهم، وذهبوا إلى حمل اللفظ على معناه اللغوي، وأنه همَّ بها هماً صحيحاً مثل همها به، ثم ارعوى وانكفّ.
وعلى هذا المذهب الوقف على قوله:] وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ [غير جائز؛ لأن قوله:] وَهَمَّ بِهَا [معطوف عليه، ولا يجوز الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه، والوقف عندهم على قوله تعالى:] وَهَمَّ بِهَا [؛ ليعلم أنهما متصلان؛ أي: هم بها كما همت به، وكذلك على قول من قال: إن المراد: أنه همّ بالفرار منها.
وهو وقف كاف عند ابن مجاهد، وأبي بكر الأنباري، وجائز عند السجاوندي، والجعبري.
وبخصوص العلامة الدالة على الوقف الممنوع، أو غير الجائز (لا) فإن أول من استخدمها هو ابن طيفور السجاوندي (ت 560 هـ)، وهو أيضاً أول من استخدم (م) علامة على الوقف اللازم، وأما مصطلح الوقف اللازم فقد سُبق إليه، كما سُبق بزمن طويل إلى استخدام الرموز والعلامات الدالة على أنواع الوقف.
وذلك فيما وقع تحت يدي. والله أعلم.