غير ولا ينبغي الخروج عن ذلك الإطار حفاظاً على اتصال السند.
وعلى هذا الأساس لا بدّ من منهجية واضحة في تحرير الطرق والأوجهها، ومن ذلك بيان:
- هل الاعتماد يكون على الطريق الذي رُويَ فيه أوجه الخلاف فقط دون الرواية بالتلاوة والأداء؟
- متى يُعتمد على مصادر النشر خاصّة إذا خالف ظاهر وأداء ابن الجزري في نشره
- إن دخل احتمال على مضمون النصوص أنأخذ بظاهر النشر أم على قوّة احتمال نصّ المصدر,
- حصر طرق الشاطبية: فقد بيّنت في بحث أنّ طرق الشاطبية ليست مضبوطة ومحصورة، فمنهم من يرى أنّها تنحصر فيما رواه الداني دون غيره، ومنهم من يرى أنّها تنحصر فيما أسنده الشاطبيّ ونقله تلميذه السخاوي في فتح الوصيد، ومنهم من يرى أنها تنحصر على ما رواه الشاطبيّ عن طريق الداني وغيره مما ذكر في النشر فقط، ومنهم من اشترط التلاوة والأداء دون التحديث بأوجه الخلاف.
أقول: إن كان المحررون ما ضبطوا طرق الشاطبية فكيف بطرق الطيّبة؟
أعتقد أنّ طرق الشاطبية أصعب من طرق الطيّية في عزو الوجه إلى أصله، وسببه أنّ المحررين اعتبروا الشاطبية مصدراً مستقلاً بمثابة كتاب التيسير دون حصر طرقها ومصادرها إلى أصولها، خلافاً للمصادر الأخرى التي مصدرها واضح وجليّ، فمن حيث عزو الطرق فالشاطبية أصعب ومن حيث الكثرة والكميّة تتجلّى صعوبة الطيّبة على الشاطبية. فطول البدل مع الفتح لم يُنقل عن الداني بل هو طريق مكي قيسي ولا نستطيع أن نقطع بأنّ كتاب التبصرة من طرق الشاطبية مع أنّه يحتوي على بعض الأوجه التي ما رواها الإمام الشاطبيّ كتمكين البدل في نحو ّ {ايت} وغير ذلك. ومع أنّ الشيخ سلطان مزاحي نفى أن يكون مكي القيسي من طرق الحرز. اللهمّ إلاّ إذا اعتبرنا أنّ إسناد مكي القيسي يلتقي بإسناد الداني عند عبد المنعم ابن غلبون صاحب الإرشاد بالمتابعة وهذا فيه نظر لسببين:
أوّلاً: قد يُقرئ عبد المنعم مكي القيسي بغير ما أقرأ به ابنه طاهر ابن غلبون شيخ الداني فيختلف أداء مكي القيسي عن أداء الداني، وعلى هذا فلا يمكن إذن تطبيق قاعدة المتابعة كما هو الحال عند المحدّثين.
ثانياً: نحن نعلم أنّ شيخ الداني وهو طاهر ابن غلبون وهو قرأ على أبيه عبد المنعم بقصر البدل خلافاً لمكي القيسي الذي روى الطول في البدل على الصحيح من أقوال المحققين وبه قرأ بن الجزريّ من طريقه
ثالثاً: إسناد مكي القيسي ليس مقتصراً على ما رواه عن عبد المنعم بن غلبون بل له رواية عن أبي عديّ عبد العزيز بن الفرج وله رواية عن أبي بكر محمد بن علي الأذفوي الخشاب فيحتمل أن يكون قد قرأ بطول البدل مع الفتح على غير عبد المنعم شيخ شيخ الداني لا سيما أنّ المحررين ذكروا وجه القصر في البدل عن عبد المنعم صاحب الإرشاد وهو قول الشيخ سلطان مزاحي وبه قرأ الأزميري على به شيوخه وبه أخذ عنه ابنه طاهر ابن غلبون.
ثالثاً: ورود بعض الأوجه من التبصرة التي ما رواها الشاطبيّ والتي قد تكون من غير طريق عبد المنعم والعلم عند الله تعالى.
هذا نموذج ومثال بسيط لنعلم أنّ تحرير الطرق من الشاطبية ليس بالسهل كما يتوقعه الكثير فضلاً عن طرق الطيّبة لكثرتها وكثرة أوجهها، ولأجل هذا فلا بدّ أن تنبني هذه التحريرات على أصول ومنهجية متينة ولو على أصول عامّة تنبني تحتها بقيّة الأصول.
وفي الأخير اعتذر لأخي الشيخ محمد إن رأى أنّي خرجت عن الموضوع، وما ذكرته ليس اعتراضاً على الشيخ وإنّما هو إتمام لما رأيته مناسباً.
وأسأل الله تعالى أن يوفقنا لخدمة القرءان وأهله والسلام عليكم
محمد يحيى شريف الجزائري.
ـ[الحسن محمد ماديك]ــــــــ[04 Jun 2008, 09:22 م]ـ
أخي الكريم محمد يحيى شريف الجزائري سلمك الله
لقد أثلجت صدري بمداخلتك القيمة والتي يستأنس بها كل باحث متجرد بل يفخر بها
ولقد وجدت أخيرا من يناقشني نقاشا علميا أتمنى على الله أن يوفقنا ويهدينا للصواب ويبعدنا عن الخطإ والخلل
أخي الكريم
أعدك أن أجيب على تساؤلاتك القيمة والتي استفدت منها كثيرا في الحلقات القادمة القريبة من هذه الدراسة النقدية
أخوك طالب العلم
الحسن محمد ماديك