ومن القياس الذي تضمنته كتب أئمة القراءات قول ابن الجزري في النشر (2/ 122) وشذ مكي فأجاز الروم والإشمام في ميم الجمع لمن وصلها قياسا على هاء الضمير وانتصر لذلك وقواه وهو قياس غير صحيح اهـ وهو في التبصرة لمكي ص171، ومنه: أكثر ما حواه باب المد من الإشباع لجميع القراء ومن الإشباع والتوسط للأزرق خاصة فيه ومنه كثير من الإدغام الكبير لأبي عمرو، ومنه اختيار ابن مجاهد في بداية القرن الرابع إمالة ? البارئ ? الحشر24 لدوري الكسائي قياسا على إمالته حرفي البقرة ? بارئكم ? فهذا الاختيار مبك حقا لأنه قراءة حرف من كتاب الله بأداء لم ينزل به جبريل من عند الله على النبي الأمي ? إذ قرأ جميع القراء والرواة حرف الحشر بالفتح الخالص وإنما ألحقه ابن مجاهد بأحرف اختص الدوري عن الكسائي وتفرد بإمالتها قال في النشر (2/ 39) وقال الداني في جامعه لم يذكر أحد عن ? البارئ ? نصا وإنما ألحقه بالحرفين اللذين في البقرة ابن مجاهد قياسا عليهما سمعت أبا الفتح يقول ذلك اهـ
وعبارة الداني في جامع البيان (1/ 469) كالتالي "ولم يذكر أحد عنه ? البارئ ? نصا وإنما ألحقه بالحرفين اللذين في البقرة ابن مجاهد قياسا عليهما، سمعت أبا الفتح يقول ذلك" اهـ بلفظه.
ومنه البحث في أصل ألف ? تترا ? الفلاح 44 وألف ? كلتا ? الكهف 33 لمعرفة صحة إمالتهما لغة لإقحامها في القراءات.
ومنه ما حواه بابا الوقف على الهمز وعلى هاء التأنيث ومنه الوقف بالروم والإشمام بدل السكون ومنه ترقيق الراء في ? وزر أخرى ? ? وزرك ? ? ذكرك ? ? حذركم ? ? الإشراق ? للأزرق ومنه أكثر ما جاء في هذا الباب كما قال مكي في التبصرة "أكثر هذا الباب إنما هو قياس على الأصول وبعضه أخذ سماعا" اهـ ومنه الوقف بهاء السكت على ? العالمين ? ? والموفون ? ? والذين ? وشبهه ليعقوب وهو في مئات الكلمات ومنه الإخفاء أو الاختلاس في ? فنعما هي ? في البقرة وكذا حرف النساء لقالون وأبي عمرو وشعبة.
قلت: إنني مع تتبع مواضع هذا القياس الذي أبرأ منه لم أجده إلا فيما توفر الأداء بغيره لدى جماعة القراء والرواة.
إن القياس الذي وصفه مكي وابن الجزري بالقلة ليتوفر في مئات الكلمات من القرآن بسبب تعميم القواعد على النظائر.
إن القياس هو نتيجة حتمية لما أحدثه ابن مجاهد فمن جاء بعده من المصنفين طرق الرواة من استبدال أداء التابعين والصحابة بالقراءات السبع والعشر وغيرها ومن تتبع كل قاعدة في لسان العرب أو لهجة عربية وردت في بعض كلمات القرءان رواية فيقرأون بها سائر نظائرها ـ كما ستأتي أمثلته ـ لضمان فصل كل رواية وقراءة عن الأخرى وتتبع ما لها في أداء كل كلمة وكل حرف من القرآن حتى أصبحت المحافظة على رواية البزي أو هشام مثلا غاية لا يصح تواتر القرءان ولا حفظه دونها.
وكانت نشوة ازدهار قواعد النحو والصرف هي التي أملت تعدد الروايات، ذلك التعدد الذي وجد في القياس تربة خصبة نشأ عليها.
وما كان للقراءات ورواياتها أن تتعدد وللطرق عن الروايات أن تبلغ المئات لولا ما أدرج في القراءات من اللهجات والقياس لضمان تعدد الروايات والفصل بينها بقاعدة لغوية وردت أداء في بعض حروف القرآن فقاسها المصنفون من الطرق ابتداء بابن مجاهد فمن بعده على سائر نظائرها.
ولا يعتبر العدول إلى صحيح الروايات بدل رواية عسر أو شق أو خفي أداؤها من القياس بل هو الرواية والنص والأداء الواجب اتباعه.
ووقع المصنفون من طرق الرواة في ثلاث متناقضات:
أولاها أنهم منعوا أو عابوا خلط الروايات الصحيحة الثابتة في القراءة وهو تركيب الطرق وعدم التحرير ويجيزون في نفس الوقت القراءة بالقياس الذي هو قراءة القرآن بأداء غير منزل.
وأما ثاني المتناقضات فهي قضية ابن مقسم المقرئ النحوي في القرن الرابع الذي أجمع القراء والفقهاء على منعه من القراءة بما يوافق اللغة والرسم دون التقيد بالأداء والنقل وحوكم فتاب ورجع عن رأيه وقال ابن الجزري تعليقا على قضيته في النشر (1/ 18) ومن ثم امتنعت القراءة بالقياس المطلق وهو الذي ليس له أصل في القراءة يرجع إليه ولا ركن وثيق في الأداء يعتمد عليه اهـ، لكن الذي حاوله ابن مقسم هو نفسه ما يسمونه بالقياس المقيد سواء بسواء إذ هو موافق اللغة والرسم فاقد شرط الأداء والنقل لا ينقصه من وجه التشبيه اعتماد القراء على
¥