تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال سيبويه: وهي مع الراء واللام والياء والواو إذا أدغمت بغنة فليس مخرجها من الخياشيم، ولكن صوت الفم أشرب غنةً. ولو كان مخرجها من الخياشيم لما جاز أن تدغمها في الواو والياء والراء واللام، حتى تصير مثلهن في كل شيء.)) ا. هـ4/ 454

وقول سيبويه " ... ولكن صوت الفم أشرب غنةً." المقصود بـ (صوت الفم) أي الحرف المدغم فيه أي " الواو والياء والراء واللام " لأن الصوت عند العرب صوتان: صوت حرف، وصوت حركة.

وقوله " أشرب غنة" أي أنك تنطق بالحرف المدغم فيه ثم تأتي بالغنة لأن صوت الفم - المدغم فيه - أشرب غنة، أي أن الغنة دخلت علي الحرف المدغم فيه مثل قولهم:إن صوت الصاد أشرب زايا في نحو "الصراط، وأصدق وبابه " علي قراءة من قرأ بها، وكما وهذا لا يكون إلا بعد الإدغام مع ما قلناه بأن صفة الغنة لا تشبه بقية الصفات،

. ولا يقال: إن صفة الغنة قبل الحرف المدغم فيه .. فكيف تأتي بعد الإدغام؟؟

الجواب: قد سبق مغايرة صفة الغنة لبقية الصفات فهي يُنتقل إليها بعد الحرف ـ النون الساكنة أو التنوين ـ والحرف قد أدغم، وهذا واضح في قول سيبويه: " ولكن صوت الفم أشرب غنةً." والله أعلم.

وهناك قول ثالث في أن الغنة تكون بين الحرفين ولم يلق هذا القول اهتماما، قال ا. د غانم قدوري:" وذكر مكي في كتابه الكشف فقال:" لكن الغنة ظاهرة مع اللفظ بالمشدد لا في نفس الحرف الأول كأنها بين الحرفين المدغمين " ا. هـ1/ 164

وأشار ابن الباذش في " الإقناع " فقال:" إن الغنة بين الحرفين وليست في نفس الحرف الأول " 1/ 253

ويمكن أن يكون هذا الكلام السابق قولا ثالثا في المسألة وقد علل د/ غانم قدوري لهذه الفكرة قائلا: " ولم تنل هذه الفكرة عند علماء التجويد إلا قليلا من الاهتمام، على الرغم من أن بعضهم نص على أن الغنة الظاهرة عند إدغام النون فى الواو والياء هى غنة النون، لكن ذلك لم يكن في معرض الحديث عن الفكرة التي ذكر سيبويه. قال عبد الوهاب القرطبى " فالغنة تقدر باقية من النون، وإن كانت قد انقلبت واوا أو ياء. ومثله (أحطت) و (فرطت) فإن الطاء تدغم بإبقاء شائبة منها مع أنها تنقلب تاء، والإطباق لها لا للتاء.

ويمكن أن نقول أيضا: إن القولين قريبان لأن قول مكي " الغنة ظاهرة مع اللفظ بالمشدد" وهو صحيح من جهة المقارنة هل الغنة في الحرف الأول أم الثاني؟ أما من جهة ظهور الغنة فقد سبق قول سيبويه في أن حروف الفم أشربت الغنة في مخارجها.

وقال السمرقندى " وهذه الغنة التى بقيت مع الواو والياء غنة النون أو التنوين، إذ لا غنة للواو والياء أصلا " وكان الدانى قد قال قولا عاما فى الغنة، وهو " إذ غير ممكن أن تكون منفردة في غير حرف أو مخالطة لحرف لا غنة فيه، لأنها مما تختص به النون والميم لا غير " الدراسات الصوتية صـ372

فكلام الداني يتحدث فيه عن أصل الغنة، فغير ممكن أن تخرج الغنة من غير حرف أو أن تكون موجودة في حرف ليست الغنة صفة لها. فالحرف ذهب بالإدغام وبقيت غنتها وهي تظهر بعد الإدغام كما سبق.

أما في حالة الإدغام الكامل فالرواية اقتضت ذهاب الحرف وصفته وهذا لا خلاف فيه فالجمهور علي الإدغام بغنة عند الواو والياء، وانفرد خلف عن حمزة في (الواو) وشاركه الضرير عن الكسائي في (الياء) وأخذا بالإدغام الكامل.

وهناك بعض التنبيهات في أداء الحرف المشدد:

ـ بعض القراء عند نطقهم (همت طائفة) يأتون بتاء خفيفة قبل النطق بالطاء مشددة، وإنْ نطقها صحيحة ـ أي إدغاما كاملا ـ يظن أن الميم من " همت " قد فخمت، والحقيقة غير ذلك لأن أداء الغنة في الميم تعطي الاستعداد الجيد لنطقها مرققة ثم النطق بالطاء مفخمة.

ـ (الضالّين) يبالغ البعض في تشديد اللام حتي تخرج مصاحبة للغنة، فيجب إخراجها سهلة وعدم المبالغة فيها بأن لا يبالغ في إطالة زمن التشديد.

ـ (ضرًّا) يبالغ البعض في تشديد الراء حتي يذهب بالراء كلية فتقترب من اللام وأطلق ابن الجزري علي هذه الفعلة (الحصرمة) فيجب علي القارئ إظهار الراء مع الإتيان بصفة التكرار بدون مبالغة حتي لا تتكرر راءات كثيرة.

هذا ما من الله به علينا وأسأل الله السلامة من الرياء والسمعة، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل آمين.

والحمد لله رب العالمين

أبو عمر عبد الحكيم عبد الرازق فولي

ـ[أبو المنذر الجزائري]ــــــــ[24 Aug 2008, 03:05 ص]ـ

بارك الله في الشيخ فقد أفاد وأجاد، وأفيده علما أنني ممن قرأ على الشيخ إيهاب فكري- حفظه الله ورعاه وبارك في علمه - قراءة الكسائي فلم يلزمني في كلمة مرة بمذهب، وقرأت له بالترقيق، وكنت ولا زلت مقتنعا بمذهب الإدغام التام الذي يغلب فيه الحرف الثاني كما تفضلتم بعرضه، نسأل الله للجميع التوفيق.

ـ[ضيف الله الشمراني]ــــــــ[24 Aug 2008, 11:02 ص]ـ

بارك الله فيكم يا شيخ عبد الحكيم على البحث القيم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير