تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ان اخراج العباد من عبادة العباد الى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا الى سعتها، ومن الاضطهاد الى التسامح والحرية الاختيار والعيش الكريم لم يكن ذلك كله، في الاسلام، شعارا من الشعارات الفارغة ولكنها كانت حركة من الحركات الممتلئة بالحياة وثورة من الثورات المفارقة لطبيعة الثورات، والمغيرة لعالم الاحياء، وحقيقة سارية في التاريخ يعرض مفارقته ومغايرته لأنه جاء من السماء .. ان نتائج دعوته في العالم سطرها علماء التأريخ واندهش له عباقرة التاريخ، ذلك انه مع انتشاره السريع لم يكره الناس على الدخول فيه مع امكانه ان يفعل ذلك فكان الناس يقبلون عليه لعدله وسماحته ونوره المبين والحرية الأصيلة التي جاء بها ولذلك فان اول مطلب من مطالبنا اليوم بشأن المسلمات الاسيرات في اديرة كهنة الكنيسة المصرية هو اخراجهن محررات الى آفاق الكون كما أراد الاسلام وحققه واقعا في بلاد الشرق والغرب الشمال والجنوب .. الى الاختيار الذي منحه الله للانسان. كما تنزع الفطرة وكما تنزلت الآيات وصار من البديهيات والضرورات.

ان احياء نفس وتحريرها هو كاحياء الناس جميعا وتحريرهم، وقتلها او حبسها وعزلها بالباطل هو كقتل الناس جميعا كما جاء في النص الرحماني القرآني من سورة المائدة الآية:32، " مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ" وتحرير نفس مسلمة او نفس بشرية ايا كان دينها، تحريرها من الطغيان هو اصل اصيل من ديننا، انها المحبة الحقيقية التي جاء الاسلام بتوصيل رسالتها الى كل نفس وهي والرحمة التي جاء بها الاسلام ليعيش الناس في ظلها.

كهنة متشابهون

لامجال في دولة الاسلام لما يشبه فعال كهنة العصور الوسطى المسيحية الذين كانوا يقبضون على النساء في العالم الغربي بحجة انهن ساحرات، ثم يقتلونهن او يحبسوهن ويرهبوهن او يحرقونهن، واكثرهن لم يكن كما وصفن، ومنهن من كن يُقتلن على انتمائهن الى الاسلام في زمن كهنة محاكم التفتيش، محاكم الرهبان، هذا في وقت كانت المرأة المسلمة في قرطبة وغرناطة ترفل في النعيم والحرية وتتنعم بتعددية اسلامية تتيح للفكر ان ينظر وللعقل ان يفكر وللكافر ان يسمع حتى يبلغ مأمنه في كافة نواحي اوروبا ناقلا لمشاهد الحرية والعلمية والنظافة والجمال والحوار والايمان، قال المفكر ورجل القانون الفرنسي مارسيل بوازار في كتابه (انسانية الاسلام):" ( .. كانت المرأة تتمتع بالاحترام والحرية في ظل الخلافة الأموية بأسبانيا، فقد كانت يومئذ تشارك مشاركة تامة في الحياة الاجتماعية والثقافية، وكان الرجل يتودد لـ (السيدة) للفوز بالحظوة لديها .. إن الشعراء المسلمين هم الذين علموا مسيحي أوروبا عبر أسبانيا احترام المرأة ... ) ويقول جوستاف لوبون في كتابه حضارة العرب:" إذا أردنا أن نعلم درجة تأثير القرآن في أمر النساء وجب علينا أن ننظر إليهن أيام ازدهار حضارة العرب، وقد ظهر مما قصه المؤرخون انه كان لهن من الشأن ما اتفق لأخواتهن حديثا في أوربة .. إن الأوربيين اخذوا عن العرب مبادىء الفروسية وما اقتضته من احترام المرأة. فالإسلام، إذن،لا النصرانية، هو الذي رفع المرأة من الدرك الأسفل الذي كانت فيه، وذلك خلافا للاعتقاد الشائع. وإذا نظرت إلى نصارى الدور الأول من القرون الوسطى رأيتهم لم يحملوا شيئا من الحرمة للنساء، وإذا تصفحت كتب التاريخ ذلك الزمن وجدت ما يزيل كل شك في هذا الأمر، وعلمت أن رجال عصر الإقطاع كانوا غلاظا نحو النساء قبل أن يتعلم النصارى من العرب أمر معاملتهن بالحسنى " (حضارة العرب ص 403) بل كانت المسيحيات يعشن حياة رغيدة مكرمة ومجيدة في ظل التسامح الاسلامي الذي اشاد به علماء غربيون كثيرون وغار منه قساوسة قساة ظالمون. بينما كانت اخواتهن في نفس القارة والزمن المجاور والجغرافيا الواحدة يُحرقن صلبا او طرحا او قذفا بحجج اغلبها كاذبة طاغية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير