وله رحمه الله باب كامل في فضائل الإنصاف في زاد المعاد من أنفس ما كُتب.
وكذلك منزلة الفتوة في مدارج السالكين، ففيها كلام لا يكاد يوجد في غيره
ثم إنه ما من إنسان إلاَّ وفيه عيب ونقص:
قال ابن تيمية في الفتاوى 19/ 191: (وكثير من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة ولم يعلموا أنه بدعة إمَّا لأحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة، وإمَّا لآيات فهموا منها ما لم يرد منها، وإمَّا لرأي رأوه وفي المسألة نصوص لم تبلغهم، وإذا اتقى الإنسان ربه ما استطاع دخل في قوله: {ربنا لاتؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} وفي الصحيح أن الله قال: (قد فعلت)].
وقال سعيد بن المسيب: ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلاَّ وفيه عيب ولكن من الناس من لاينبغي أن تذكر عيوبه، فمن كان فضله أكثر من نقصه وهب نقصه لفضله.
وقال ابن الأثير: (وإنَّما السيد من عدت سقطاته وأخذت غلطاته فهي الدنيا لايكمل بها شيء وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: حق على الله أن لايرفع شيئاً من الدنيا إلاَّ وضعه).
وقال ابن القيم في مفتاح دار السعادة: (من قواعد الشرع والحكمة أيضاً أن من كثرت حسناته وعظمت، وكان له في الإسلام تأثيراً ظاهر، فإنه يحتمل منه ما لايحتمل لغيره ويعفى عنه ما لايعفى عن غيره، فإن المعصية خبث والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث بخلاف الماء القليل فإنه لايحتمل أدنى خبث).
وقال ابن تيمية في الدرء 2/ 101 بعد أن ذكر الباقلاني والغزالي وأبو ذر المتكلم وابن العربي وأبو المعالي الجويني: (ثُمَّ إنه ما من هؤلاء إلاَّ من له في الإسلام مساع مشكورة وحسنات مبرورة، وله في الرد على كثير من أهل الإلحاد والبدع والانتصار لكثير من أهل السنة والدين ما لايخفى على من عرف أحوالهم ... وهم فضلاء عقلاء احتاجوا إلى طرده والتزام لوازمه (يقصد علم الكلام والرد على المعتزلة بالمنطق) فلزمهم بسبب ذلك من الأقوال ما أنكره المسلمون من أهل العلم والدين، وصار الناس بسبب ذلك: منهم من يعظمهم لما لهم من المحاسن والفضائل، ومنه من يذمهم لما وقع في كلامهم من البدع والباطل وخير الأمور أوساطها.
وهذا ليس مخصوصاً بهؤلاء، بل مثل هذا وقع لطوائف من أهل العلم والدين والله تعالى يتقبل من جمع عباده المؤمنين الحسنات ويتجاوز لهم عن السيئات {ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا} ولا ريب أن من اجتهد في طلب الحق والدين من جهة ا لرسول صلى الله عليه وسلم وأخطأ في بعض ذلك فالله يغفر له خطأه تحقيقاً للدعاء الذي استجابه الله لنبيه وللمؤمنين حيث قالوا: {ربنا لاتؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}. أو كما قال رحمه الله
نسأل الله أن يشرح صدورنا ويهدينا، ونسأله أن يرزقنا كلمة الحق في الغضب والرضا كما كان يدعو بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم
والحمد لله رب العالمين
د. سعيد بن ناصر الغامدي 7/ 12/1431
ـ[محمد عادل عقل]ــــــــ[14 Nov 2010, 07:10 م]ـ
مات شفيع الحجاز
كمال عبدالقادر
وصل الدكتور محمد عبده يماني، إلى المستشفى السعودي الألماني، بعد صلاة عشاء الأول من ذي الحجة، بسيارة أحد الحضور في مجلس الأمير خالد الفيصل، حيث أُغشي عليه في المجلس.
وحالته كانت سيئة جدا .. الدكتور خالد بترجي قال لنا: «إن معاليه جاءنا وقد فارق الحياة قبل 15 دقيقة من وصوله». حاولوا إنعاش قلبه، لكن فشل الأطباء، فخرج طبيب العائلة، وأبلغ أولاده بأن الدكتور يماني .. مات!
أصرَّ أحد الأطباء على الاستمرار في عملية إنعاش قلبه، وبعد محاولات عديدة، استجاب القلب «الطيب» .. فرح الكل واستبشروا، ونقلوه إلى غرفة العناية المركزة، وظل قلبه يعمل لكن دماغه كان شبه معطّل، واستمر في غيبوبته.
وصل الخبر إلى حبيبه وتوأم روحه ورحيمه وصديق العمر الأول والأخير .. الشيخ صالح كامل الذي كان في دمياط، ثلاث ساعات ونصف استغرقت رحلته إلى القاهرة .. تأخر وصول طائرته الخاصة، وصل إلى جدة الساعة الرابعة صباحا، فورا انتقل إلى المستشفى .. رأى حبيبه مسجى .. لم يتكلم. صمت .. ألم .. صدمة .. مصيبة .. ظل على هذه الحال ساعتين، قالوا له إنك مُتعب .. عد إلى البيت .. لترتاح. ذهب ثم عاد إلى المستشفى بعد صلاة الظهر تخنقه العبرات .. الأخبار تأتي شحيحة .. كئيبة، الساعة الثامنة مساء، الأمير خالد الفيصل يزور اليماني، بعدها، بدأ الأطباء والعائلة يتدارسون قرار نقل «شفيع الحجاز» إلى المستشفى التخصصي ومن ثمَّ إلى ألمانيا. الساعة التاسعة تقريبا، توقف القلب «الطيب» .. حاول الأطباء إنعاشه .. لكن، وبأمر الله، سبحانه وتعالى، لم يرد القلب أن يعود إلى ملايين المحبين .. جاءني الأخ سعود دهلوي، ونحن في بهو المستشفى .. قال لي باكيا: «الله يرحمه .. مات الدكتور» .. يا إلهي .. مات الدكتور؟ بعد قليل نزل المهندس عبدالعزيز يماني ومعه الأخ عبدالله صالح كامل، وأعلن لمحبي الدكتور، قال «أُعزيكم في وفاة والدي .. لقد مات محمد عبده يماني». مات شفيع الحجاز
¥