تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[دلالة الفعل الماضي على الحال والاستقبال في القرآن الكريم.]

ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[05 - 04 - 2007, 08:59 م]ـ

نعرف أن الفعل الماضي يدل على زمن حدث في الزمن الماضي, كما في قوله تعالى:

{قَالَ أَلْقُوْاْ فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} الأعراف/116

فالأفعال (ألقى - سحر - استرهب - جاء) تدل على أحداث حدثت في الزمن الماضي.

السؤال الذي يفرض نفسه, هل أن الفعل الماضي محصور للدلالة على زمن حدث في الزمن الماضي وانتهى, أم أنه يستخدم للدلالة على غير الزمن الماضي؟

الفعل الماضي يفيد وقوع الحدث, أو حدوثه بشكل مطلق, فهو يدل على حدوث شيء قبل زمن التكلم, نحو: درسَ, نجحَ, علم ... الخ.

ولكن الفعل الماضي قد يدل على الحال والاستمرار أو الاستقبال.

دلالة الفعل الماضي على الحال:

يأتي الفعل الماضي للدلالة على الحال عند وجود قرينة.

{الآن حصحص الحق} يوسف/ 51

وكذلك قوله تعالى:

{الآن جئت بالحق} البقرة/ 71

الفعلان حصحص وجاء , يفيدان الحال, وإن جاءا بصيغة الماضي.

وقد يأتي الفعل الماضي ليدل على الاستمرار التجددي في الازمنة الثلاثة:

{إنّ الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا} فالفعل كان في هذه الآية يفيد أن الصلاة مفروضة من زمن نزول النص, و الآن, وما بعد الآن إلى يوم القيامة.

دلالة الفعل الماضي على المستقبل:

قد يأتي الزمن في الماضي, والحدث في المستقبل, وهو في هذه الحالة يفيد التحقيق, نحو:

{وسُيّرت الجبال فكانت سرابًا}

{إنّ جهنّم كانت مرصادًا}

جاء الفعل بصيغة الماضي، لانه واقع لا محالة فجعل بمنزلة الماضي.

كما أن الزمن الماضي قد يأتي للدلالة على الاستمرار, نحو:

{وكان الله عليمًا حكيما} ... {وكان الله عفوٍّا غفورًا}

ـ[مهاجر]ــــــــ[06 - 04 - 2007, 12:00 ص]ـ

مرحبا بك دكتور حجي:

بارك الله فيك على هذه المعلومات القيمة الموجزة بلا إخلال.

ومن شواهد دلالة الماضي على المستقبل، بالإضافة إلى ما تفضلت به:

قوله تعالى: (أتى أمر الله)، أي: سيأتي، بقرينة: (فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ)، فنزل منزلة الواقع للتوكيد على وقوعه.

وقوله تعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)، أي: إذا أردت قراءة القرآن، بقرينة أن الاستعاذة لا تتصور في آخر القراءة، وإنما في أولها.

وحديث: كان صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال: ........... ، أي: إذا أراد دخول الخلاء، بقرينة: تحريم ذكر الله في الخلاء.

وعلماء الاعتقاد يستشهدون بهذه النصوص على جواز التأويل إذا وردت قرينة صارفة معتبرة، لا متوهمة، كما هو حال غالب تأويلات المتكلمين، فأول الماضي هنا بالمستقبل لوجود قرينة صارفة معتبرة.

والله أعلى وأعلم.

ـ[محمد ماهر]ــــــــ[06 - 04 - 2007, 12:25 ص]ـ

جزاكما الله خيراً، ونفع بكما ...

ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[06 - 04 - 2007, 09:16 ص]ـ

دلالة الفعل الماضي على الحال:

يأتي الفعل الماضي للدلالة على الحال عند وجود قرينة.

{الآن حصحص الحق} يوسف/ 51

وكذلك قوله تعالى:

{الآن جئت بالحق} البقرة/ 71

أخي الكريم:

ليس في الآيتين دلالة على أن الماضي يدل على الحال، ففي قولنا: حضر زيد الآن، دلالة على أن الحضور قد تم وانتهى في زمن التكلم ولا يعني أنه يتم في زمن التكلم، وكذلك: الآن حصحص الحق، فالحق كان قد ظهر وبان قبل زمن التكلم فجاء كلامها اعترافا بذلك، ولا يعني أن حصحصة الحق تتم في زمن التكلم، ولذلك فالآن يجب أن يكون متعلقا بفعل يدل على الحال، والتقدير: أعترف الآن، حصحص الحق، أو يكون المراد بالآن الزمن القريب الذي يسبق زمن التكلم، أما أن يراد به الحال ويكون متعلقا بحصحص فلا، لاستحالة اجتماع المضي مع الحال.

وقد يأتي الفعل الماضي ليدل على الاستمرار التجددي في الازمنة الثلاثة:

{إنّ الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا} فالفعل كان في هذه الآية يفيد أن الصلاة مفروضة من زمن نزول النص, و الآن, وما بعد الآن إلى يوم القيامة

أخي الكريم الفعل كان يدل على الماضي ولا يدل على الاستمرار، ولكن لا يعني ذلك أن خبرها غير متحقق في الحال والاستقبال، فإذا قلنا: كان زيد غنيا، فإنه يدل على اتصافه بالغنى في الماضي ولكن لا يعني أنه ليس كذلك الآن فقد يكون قد تغير حاله وقد يكون غناه مستمرا، وكذلك الآية فهي تدل على أن الصلاة فرضت في الماضي على المؤمنين بتوقيت معين، ولا يعني ذلك أنها غير مفروضة الآن إذا جعلنا كان للماضي فقط فقد فرضت وبقيت مفروضة لم يتغير حكمها، وكذلك الآيات الدالة على اتصاف الباري سبحانه.

دلالة الفعل الماضي على المستقبل:

قد يأتي الزمن في الماضي, والحدث في المستقبل, وهو في هذه الحالة يفيد التحقيق, نحو:

{وسُيّرت الجبال فكانت سرابًا}

هذا من قبيل حكاية الماضي في المستقبل، وهذا نظير حكاية الحال في الماضي أو حكاية المستقبل في الماضي: فمن حكاية الحال في الماضي: وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد، ومن حكاية المستقبل في الماضي: قلت لك أمس: سآتيك.

والدليل على أنه حكاية للمضي في الاستقبال أنه قيل قبل ذلك: يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا، فهذا مستقبل، ثم قيل: وفتحت السماء فكانت أبوابا وسيرت الجبال فكانت سرابا.

وإنما جاءت بصيغة الماضي، وهي بالنسبة لنا مستقبل لأنها أمور مقضية عند الله فكل الغيب المنتظر مقضي عند الله والشيء المقضي يعبر عنه بالماضي، كأن تقول قبل ظهور النتائج لمن أخبرك بإجابته في الامتحان/ قد نجحت, يعني نجاحك أمر لا شك فيه.

خلاصة الأمر أن الماضي يدل على المضي، ولكن هذا المضي قد مضيا حقيقة وقد يكون مضيا في الاستقبال، وكذلك المضارع يدل على الحال أو الاستقبال، حقيقة وقد يكون الحال حالا في الماضي أو قد يكون المستقبل الذي يدل عليه المضارع مستقبلا في الماضي.

والله أعلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير