تَفْسِيرُ المُشْكِلِ مِنْ كَلامِ سِيبَوَيْه
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[16 - 04 - 2007, 12:08 ص]ـ
http://www.libya-land.com/vb/images/wsm/tmiz1.gif
قال سيبويه:
وكذلك: من لي إلا أبوك صديقاً، لأنك أخليت مَنْ للأب ولم تفرده لأن يعمل كما يعمل المبتدأ.
وقال بعد ذلك بقليل:
وإن شئت قلت: مالي إلا أبوك صديقاً، كأنك قلت: لي أبوك صديقاً، كما قلت: من لي إلا أبوك صديقاً، حين جعلته مثل: ما مررت بأحد إلا أبيك خيراً منه، ومثله قول الشاعر، وهو الكلحبة الثعلبي:
أمرتكم أمري بمنقطع اللوى ... ولا أمرَ للمعصي إلا مضيّعا
كأنه قال: للمعصي أمر مضيعاً، كما جاز: فيها رجل قائماً. وهذا قول الخليل رحمه الله وقد يكون أيضا على قوله: لا أحد فيها إلا زيداً.
1 - ما معنى: لأنك أخليت (مَنْ) للأب ولم تفرده لأن يعمل كما يعمل المبتدأ؟
2 - ما وجه الشبه بين قولنا: من لي إلا أبوك صديقاً، وقولنا: ما مررت بأحد إلا أبيك خيرا منه، وقول الشاعر: لا أمر للمعصي إلا مضيعاً؟
3 - ما وجه الشبه بين: لا أمر للمعصي إلا مضيعا، وقولنا: لا أحد فيها إلا زيداً؟
مع التحية الطيبة
ـ[أبو بشر]ــــــــ[16 - 04 - 2007, 02:21 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سأحاول الإجابة عن الأسئلة مع أن غيري أجدر بذلك، وبالله التوفيق
(1) المراد بقول سيبويه (رحمه الله): (لأنك أخليت "من" للأب) أنك أبدلت "أبوك" من "من" فـ"أبوك" بدل و"من" مبدل منه، وعلى هذا يكون "لي" هو الخبر، وذلك بخلاف إعراب المبرد أن "أبوك" خبر لـ"من"، والمقصود من قول سيبويه: (ولم تفرده لأن يعمل كما يعمل المبتدأ) أنك لم تفرد "من" وجعلته مفردا غير مقرون بل قرنته بـ"لي" الذي هو خبره، فاقترانه بـ"لي" يرجح إعراب "أبوك" بدلاً لا خبراً، ثم قول سيبويه في أول النص المسرود "وكذلك" يشير إلى أن هذا استمرار لما هو كان بصدده وهو وقوع ما بعد "إلا" بدلا مما قبلها
(2) وجه الشبه أن المنصوب بعد "إلا" في كل من هذه العبارات يعرب حالاً، فما قبل "إلا" يعمل النصب في المنصوب بعدها على الحالية، فالعامل للحال في الجملة الأولى "لي" والجملة الثانية "مررت" والبيت "للمعصي"، والله أعلم.
(3) ووجه الشبه هنا أنه يجوز في "مضيعا" وجه إعرابي آخر غير وجه الحالية المتقدم، وهو النصب على الاستثناء على تقدير: "لا أمرَ للمعصي إلا أمرا مضيعاً" فالمنصوب مستثنى من عموم الأمر في قوله "لا أمر"، والله أعلم.
يا أستاذنا الأغر حفظك الله
لي سؤال بخصوص تحقيق عبد السلام محمد هارون لكتاب سيبويه، وبالذات النص الذي نحن بصدده، فإن المحقق المدقق عبد السلام هارون صحح نص الفقرة التي قبل النص الذي سردته بأن جعل بين قوسين مكعبين العبارة الآتية [وما مررتُ بأحدٍ إلا عمرٍو خيرٍ من زيد] بعد أن ذكر العبارة نفسها من أصل نص الكتاب لكن برفع "عمرو"، فإليك الفقرة مع إضافة المحقق الدكتور عبد السلام:
فإن قلت: ما أتاني أحدٌ إلا أبوك خيرٌ من زيد وما مررتُ بأحدٍ إلا عمرٌو خيرٍ من زيد [وما مررتُ بأحد إلا عمرٍو خيرٍ من زيدٍ] كان الرفع والجرّ جائزين وحسُن البدل لأنك قد شغلت الرافعَ والجارّ ثم أبدلتَه من المرفوع والمجرور ثم وصفتَ بعد ذلك.
والذي استشكله أني لا أرى أي ضرورة لذكر ما بين القوسين بل لا أرى وجه ارتفاع "عمرٌو" في الموضع الأول الذي ذكر فيه هذا المثال، وفي رأيي القاصر أن المثالين اللذين ذكرهما سيبويه وفيا بالغرض، فالرفع مستفاد من المثال الأول وهو "ما أتاني أحد إلا أبوك خير من زيد" والجر من المثال الثاني وهو "وما مررت بأحد إلا عمرٍو خير من زيد"، فما وجه ارتفاع "عمرو" حسب ما ضبطه المحقق إن كان له وجه؟ أفدْنا أفادك الله.
ـ[أبو بشر]ــــــــ[16 - 04 - 2007, 09:20 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعدت النظر في مراد سيبويه من قوله: (ولم تفرده لأن يعمل كما يعمل المبتدأ) فبدا لي أن المراد - والله أعلم - (أنك لم تفرد "من" أي لم تفرغه لأن يعمل كما يعمل المبتدأ بل أشركت غيره في هذه الوظيفة ألا وهو البدل لأن البدل يقوم مقام المبدل منه فصار هو (أي البدل) المقصود بالحكم لا المبدل منه، ففي المثال صار "أبوك" وكأنه هو المبتدأ، فـ"من" ليست مفردة لأن يعمل كما يعمل المبتدأ وإنما شاركه في ذلك البدل بل صار البدل وكأنه هو المبتدأ في المعنى وكأن الخبر له لا للمبدل منه، والله أعلم
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[16 - 04 - 2007, 09:35 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله
مرحبا بك أبا بشر وعسى أن يكون غيابك عن المنتدى لما فيه خيرك
نعم أخي الكريم لا داعي لهذه الزيادة، ولا وجه لرفع عمرو في قولنا: ما مررت بأحد إلا عمرو خير من زيد. وثم مواضع أخرى في هذه الطبعة تحتاج للتحرير.
أما تفسيرك لكلام سيبويه فأؤجل الحديث عنه إلى أن نرى بقية الآراء.
مع التحية الطيبة.
¥