تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أو حكيت بالقول؟؟؟؟!!!!!!]

ـ[عاملة]ــــــــ[11 - 04 - 2007, 12:00 ص]ـ

أو حُكِيَتْ بالقوْل

أحد المواضع التي أوْجَبَ فيها النّحاة كسْر همْزة (إنّ) ما أشار إليْه النّاظم بقوْله:

أو حُكِيَتْ بالقوْل ..... .............

وقد شَرَحه ولده بدر الدّين بقوْله:

.

ومن الظّاهر أنّ ابن النّاظم رأى في الباء الدّاخلة على كلمة (القوْل) في البيْت أنّها هي الباء الدّالّة على المصاحبة والمعيّة، نظير ما حُمِلَتْ عليْه في قوْله تعالى: ?اهْبِطْ بِسَلاَمٍ?، (هود 48)، أي ـ والله العالم ـ اهبط يُصاحبك سلامٌ. وإنّما نقول: عدَّها ابن النّاظم في البيْت للمصاحبة، لأجْل الصّراحة التي نسْتَشْعرها في قوْله: (ومعها القوْل)، وأصْرح منه قوْله الآخر: (مع مصاحبة القوْل).

فمنْ هنا، كان عليْنا أنْ نتساءل عن السّبب، بل عن السّرّ، الذي حداه إلى اللّجوء إلى تفسيرها بهذا التفسير، وإلى حمْلها على هذا الوجْه، مع علْمنا بأنّ هناك محْمليْن آخريْن يُمْكن أنْ يُدَّعى أنّهما أقْرب من المحْمل الذي اختاره هذا العالِم الكبير، وهما:

أ. القوْل بأنّ هذه الباء هي باء الاستعانة، نظير الباء في قوْلنا: (كتبْتُ بالقلم)، فإنّ هذه الباء هي التي تدْخل على آلة الفعْل، وكما أنّ القلم هو آلة الكتابة وأداتها، فكذلك لنا أنْ ندّعي أنّ القوْل هو أداة الحكاية وآلتها.

ب. القوْل بأنّها، أي: هذه الباء، هي باء السّببيّة، أي: التي تدلّ على أنّ ما بعْدها يكون سبباً لحصول ما قبْلها، نظير ما حُمِلَتْ عليْه الباء التي في قوْله تعالى: ?فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ?، أي: ـ والله العالِم ـ فكلاًّ أخذْنا بسبب ذنْبه، فالذّنْب هو سبب الأخذ بالعذاب، وكذلك في (حُكِيَتْ بالقوْل) نستطيع أنْ ندّعي أنّ القوْل كان سبباً للحكاية.

ورغْم اعترافنا بأنّ الاحتمال الأوّل (الاستعانة) يبدو أقرب وأظهر من الاحتمال الثاني (السّببيّة)، إلاّ أنّ الذي نستطيع أنْ نطْمئنّ له هو أنّ كلا الاحتماليْن (الاستعانة والسّببيّة) يبْدوان أقرب إلى عبارة النّاظم من الاحتمال الذي ارتآاه ولده في الشّرْح، وهذا من شأْنه أنْ يَسْتثير فضولنا أكثر، ويُحرِّكنا بقوّةٍ للإجابة عن السّؤال المتقدّم، ونعيده هنا لمزيد الاهتمام، وهو:

لماذا عَدَل ابن النّاظم عن هذيْن التفسيريْن؟! ولماذا عمد إلى اختيار تفْسيرٍ ثالثٍ، هو، بحسب الظّاهر، أكثر بُعْداً عن ظهور العبارة وأقلّ ملاءمةً لمُقْتَضى سياقها؟!!

ولأجْل أنْ نُجيبَ عن هذا السّؤال، عليْنا أنْ نتأمّل جيّداً في الاحتماليْن المذكوريْن (الاستعانة والسّببيّة)، لنرى: هل يَترتّب عليهما مُشْكلةٌ أو محذورٌ فاسدٌ يتوجّب عليْنا الهروب منهما، واللّجوء إلى تفسيرٍ ثالثٍ يَسْلم من ورودهما؟! وإذا كان كذلك، فما هو هذا المحذور وما هي هذه المُشْكلة؟!

والذي يبدو لي ـ برأيي القاصر ـ أنّنا لن نستطيع أنْ نَعْرف هذه المُشْكلة ما هي، ولا أين تكمن، إلاّ إذا فهمْنا موضوع مسْألتنا هذه على حقيقته، فأقول ـ وبالله التوفيق ـ:

أوْجَبَ القوْم كسْر الهمزة من (إنّ) في مواضع:

منها: ابتداء الكلام، كقوْلنا: إنّ الله على كلّ شيءٍ قدير.

ومنها: ابتداء الجُمْلة التي هي صلةٌ للموصول، كقوْلنا: جاء الذي إنّه عالمٌ.

ومنها: أنْ تقع في بداية جُمْلة القَسَم، كقوْلنا: والله إنّ زيداً لقائمٌ.

ومنها: أنْ تقع في بداية جُمْلةٍ جاءتْ بعد كلمة القوْل بشرْط أنْ يكون مجرَّداً من معنى الظّنّ.

وهذا هو الموْضع الذي نبْحث الآن عنه، وهناك مواضع أُخْرى لا يهمّنا الآن التعرّض لها.

وذلك كما لو قال القائل: (قال زيدٌ: إنّ عمْراً عالمٌ). ف (إنّ) هذه، يجب في همْزتها أنْ تُكْسَر، ولا يجوز فيها الفتْح، وذلك لأنّها واقعةٌ في بداية جُمْلةٍ، وهي: (إنّ عمْراً عالِمٌ)، وهذه الجُمْلة واقعةٌ بعْد القوْل، وهو (قال زيدٌ)، وهذا القوْل هو بمعنى التلفّظ، لأنّ (قال زيدٌ) معناها: نطق زيدٌ، أو تلفّظ زيْدٌ، وليستْ بمعنى: ظنَّ زيْدٌ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير