تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وماذا تصنع لمن يريد إقناعك بشتى الطرق أنك: حيوان!!!، لا يحركه إلا دافع الغريزة، ولا يؤثر في خلْقِه وخُلُقِه إلا الطبيعة الصماء البكماء، فحتمية تطوره فرع عن حتمية تطورها من مجتمعات زراعية محافظة إلى مجتمعات صناعية متحررة، فنسبية في الأخلاق، إذ لكل مجتمع أخلاقه، فللمجتمع الزراعي المحافظ أخلاقه التي تعظم فدر العرض، وللمجتمع الصناعي أخلاقه الإباحية التي تستهين بالأعراض، بل بالأخلاق عامة، بل بالأديان التي جاءت بتقرير العقائد والشرائع والأخلاق، فالإلحاد هو آخر حلقات التطور الإنساني!!، إذ تخلص الإنسان من الأفكار البدائية، وأقلع عن إدمان أفيون الدين الذي كان يتلهى به عن واقعه المرير تطلعا إلى الآخرة المزعومة وتلك رؤية سرت إلى الحركات الشيوعية والاشتراكية المستنسخة منها في العالم الإسلامي لا سيما في منتصف القرن الماضي، وقد بدت البغضاء من أفواه كثير من معتنقيها كبعض قادة ثورة يوليو 52 في مصر، وما تخفي صدورهم أكبر!!.

فالأخلاق في المناهج المادية التي لا تتخذ من الوحي مرجعية: أخلاق نسبية تطورت تطور القرد إلى إنسان!!!، كما زعم "دارون"، فهي أخلاق محظورات، فأوامر إلهية، فأخلاق نفعية كالتي عليها الغرب اليوم.

وانظر إلى الهرم الإنساني المقلوب في الفكر الشيوعي، الذي اعتبر التحرر من التوحيد الذي فطر الإنسان عليه من لدن خلق آدم عليه السلام إلى يوم الناس هذا، مصداق قوله تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)، الذي اعتبر ذلك التوحيد شعورا بدائيا تطور بتطور آلات الإنتاج المادية ليصل بالإنسان إلى قمة الهرم المقلوب: الإلحاد!!!، وفي أخبار الرسل عليهم السلام، معقد النجاة في تلك المضائق، فيها خلق أبي البشر عليه السلام على أكمل خُلِق وخَلْق، فلم يكن خلية بدائية في مستنقع أو قردا في غابة، ولم يكن حائرا لا يدري غاية خلقه في هذه الحياة، وإنما كان على أتم هيئة، مصداق قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ)، فسواه الله، عز وجل، ونفخ فيه الروح التي خلقها وشرفها بالإضافة إليه، فاجتمع له زكاء الجسد والروح، وكان على أتم ملة، فالتوحيد شعاره، وعلى أتم تصور، فقد علم الغاية من خلقه: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)، فاستخلف ابتلاء ليقيم الدين ويسوس الدنيا به، فأي الفريقين أحق بالأمن، وأي الفريقين أحق بوصف الآدمية؟!!!.

فليس الإنسان: "سيد الكون" كما يردد البعض في تقليد أعمى لمقالات: "نيتشه وجوليان هكسلي"، بل هو مستخلف في هذه الأرض، والخليفة لا يستقل بالرأي والتشريع، وإنما يسير وفق ما أمره به مستَخْلِفه، ولم يتركه مستخلفه هملا، بل غرس فيه فطرة التوحيد مجملة فهي: مادة صلاح الأديان والأبدان، ثم بعث إليه الرسل لتبين مجملها وتقوم عوجها، فأبى إلا أن ينازع الله، عز وجل، سيادته على كونه، حتى ادعى الألوهية:

بلسان المقال أحيانا، كما وقع من فرعون قديما، ولم يكن فرعون يقصد بادعاء الربوبية: ربوبية الخلق والإيجاد، فذلك أسخف من أن يصدقه عقل، وإنما قصد ربوبية التشريع، فهو الذي سن دستور: (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ)، ولو خالف الإلهيات التي قررها رب البريات، فهو الإله المعبود بما قرره من الشرائع فرعا عن كونه الرب الخالق الموجد لكل الخلائق، وكما ادعاه في العصر الحاضر من حيارى الغرب: "العلمي الموضوعي"!! أمثال: "نجنسكي"، كما ذكر ذلك صاحب رسالة "العلمانية" في هامش ص355، وكما نازع أمثال: "جورج والد" الأمريكي و "أوبارين" السوفييتي، الباري، عز وجل، في صفة الخالقية، وهي من أخص أوصاف الربوبية، فحاول "والد" تصنيع الـ: Dna في معامله ولكنه فشل، وأمضى "أوبارين" عشرين عاما في معاملة إرادة إثبات نشوء الحياة تلقائيا بناء على تعليمات الرفيق:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير