"زيوس هو رب الآلهة والناس جميعاً وكانت الصراعات بينه وبين الإله تنشب باستمرار وكانت بينه وبين الإله "بروميتوس" عداوة أيضاً. فخلق بروميتوس الإنسان من الطين وعندما انتهى من تشكيله نفخت فيه الروح الإلهة "أثينا" وحقد زيوس على الجنس البشري وقصد حرمانهم من كل خير فى الدنيا وابتلاهم بحرمانهم من النار التى هى ضرورية جداً للإنسان. ولكن بروميتوس سرق النار والحرف وبخاصة الحدادة كما علم البشر الفنون والحرف متحدياً الإله الأكبر فلما تعلم الإنسان ذلك يئس زيوس من مقدرته على إهلاكه لكنه ظل على الدوام يتحين الفرصة للانتقام منه وتقليل فرص المعرفة أمامه كيلا يتجاوز حدوده فيصبح آلهاً".
فأي إله هذا الذي يحقد على عبده فيحرمه الانتفاع بكونه، وينصب له العداء لمجرد أنه حاول أن يتعلم!!!.
انظر: "العلمانية"، ص332، 333.
وفي التنزيل: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
و: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ).
والآيات التي امتن الله، عز وجل، فيها على عباده بنعم الربوبية تقريرا لاستحقاقه التفرد بالألوهية أكثر من أن تحصى بل إن التنزيل قد جاء بتقرير ذلك أصالة، فتوحيده في الألوهية فرع على توحيده في الربوبية: ربوبية الخلق والإيجاد، ربوبية النعمة الكونية السابغة، مصداق قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً).
وموقف الإسلام من العلم يباين موقف النصرانية الكهنوتية ذات الأسرار التي تناقض صحائح المنقول من الرسالات وصرائح المعقول من البينات.
وفي أول ما نزل: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)، والعلم شرط في العمل، لا موجب للخروج من الجنة خشية تمرد العبد على ربه!!، فلا تكليف إلا بمعلوم ابتداء، إذ الحكم فرع عن التصور، فإذا صح التصور صح ما تفرع عنه من الحكم وفي التنزيل: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ)، فقبل الاستغفار: العلم، إذ الاستغفار عمل حادث والعمل لا يكون إلا فرعا عن علم سابق.
#####
وعودة بعد هذا الاستطراد:
فمن جهة أخرى: تصطدم النظرية الشيوعية الإلحادية مع الوحي من جهة دخول النسخ فيها على كل الثوابت، فالدين قد نسخ من التوحيد إلى الإلحاد، والأخلاق قد نسخت من الفضائل إلى الرذائل إن كانت المصلحة الآنية العاجلة فيها، فلا ثوابت إلا: المصلحة المادية الحيوانية!!!.
بل إن العقل الجمعي الذي قرره: "دوركاييم" وجعله مقرر العقد الاجتماعي أو المشرع للقيم التي تحكم المجتمعات: عقل متغير هو الآخر بتغير المصالح الآنية، وهي كعادة الشيوعيين لا تخرج عن احتياجات الإنسان الحيوانية!!.
يقول صاحب "مذاهب فكرية معاصرة" حفظه الله وبارك في عمره وعمله:
"ويعرف، (أي: دوركاييم)، العقل الجمعي بأنه شيء خارج عقول الأفراد ليس هو مجموع عقولهم، ولا يشترط أن يكون موافقا لعقل أحد منهم ولا لمزاجه الخاص، (عقل من هو إذن؟!)، وإنه يؤثر في عقول جميع الأفراد من خارج كيانهم ولا يملكون إلا أن يطيعوه ولو على غير إرادة منهم.
(وفي ذلك غمز لمقررات الرسل عليهم السلام لأن الرسول لا يسير وفق مقررات العقل الجمعي لقومه، بل يأتي غالبا لينقضها وقد كان العقل الجمعي لقوم لوط عليه السلام يستحسن إتيان الذكران فهل وافقهم لوط عليه السلام ولو من باب التقية؟!!، فالرسول واحد في روحه وجسده وعقله، ينزل الرسول الملكي بالوحي المعصوم على قلبه، فيبلغه ولو خالف عقول من أرسل إليهم، فالعقل الجمعي يخضع للرسالة المشرعة للأحكام، فهي التي تحل وتحرم، لا العكس، كما أراد دوركاييم، فلسان حاله: إثبات العصمة للعقل الجمعي بمعزل عن الرسالة السماوية، ومرة أخرى تظهر منزلة النبوات: أعظم نعم رب البريات على عباده،
¥