تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

واستضاف البرنامج نائبة مدير المركز الثقافي الذي شهد طوال ثلاثة أسابيع جولات تلك الحملة المباركة، وراحت تدافع عن المجتمع الإمريكي الذي افتضح أمره بعد 11 سبتمبر، فالشدائد تظهر معادن الأمم، وقد ظهرت خسة معدن ذلك المجتمع بعد هجمته البربرية على الشرق المسلم وما صاحب ذلك من فضائح: "أبو غريب" و "باجرام" و "جوانتانامو" ........... إلخ. فليس المجتمع الأمريكي المتسامح المنفتح على بقية المجتمعات والثقافات ليس كقيادته السياسية المنصرمة التي انتهجت سياسة متشددة تجاه الشرق المسلم، كما تقول السيدة: "إليشيا"، وكأن القيادة المنتخبة طيلة فترتين رئاسيتين متتاليتين لا تمثل التيار الإنجيلي المتطرف المتنامي في أرجاء القارة الأمريكية طوال عقدين مضيا، وهو اتجاه غذته آلية الدعاية الصهيونية دعما لمخططات الأمتين: اليهودية والنصرانية لتهويد أرض الميعاد وإراقة دماء الأممين الوثنيين من أبناء الشرق المسلم.

واللقاء بين الشرق المسلم والغرب النصراني: لقاء مواجهة لا مصالحة، وإن روج من روج لنظرية: "تكامل الحضارات" التي اكتسحتها نظرية: "صدام الحضارات" على أرض الواقع، لا سيما بعد أحداث 11 سبتمبر، وتلك سنة كونية جارية، فلا يتصالح الحق والباطل وإن تهادنا حينا من الدهر، فسنة التدافع لا محالة جارية، ولا تخلو تلك السنة من جولات فكرية حقيقية، لا وهمية، بين الإسلام الحقيقي ذي المصادر الأصلية المعتمدة التي يمكن لكل إنسان أن يطلع عليها، فليست مقرراته سرية أو كهنوتية لا يطلع عليها إلا خواص أبناء الملة، فهو دين نزل لكل البشر، لا لأمة بعينها، فالسرية والغموض لا يتلاءمان مع عالميته، إذ لا تقوم الحجة الرسالية على البشر ببلاغ سري أو غامض لا يدركه إلا آحاد البشر إن كان مما يمكن إدراكه أصلا!، لا نخلو تلك السنة الجارية من جولات فكرية بين ذلك الإسلام الحقيقي ونصرانية أوروبا، ولعل المد الإسلامي المتنامي في أوروبا رغم هزيمة المسلمين: عسكريا وسياسيا واقتصاديا، خير شاهد على الانتصار الكاسح الذي يحققه دين الفطرة على دين الكنيسة الذي فشل في هداية إنسان أوروبا المعاصر، الذي حارت روحه، وإن كان بدنه مدججا بأسلحة المدنية الحديثة. فحجة الإسلام ظاهرة، وإن هزم أتباعه وكسرت أنوفهم، فالعيب في أمة أعطت الدنية في دينها، فوطئت بالنعال، لا في دينها المحفوظ الذي حير مفكري الغرب الذين استوعبوا كل الحضارات المعادية لمشروعهم الكوني، إلا الحضارة الإسلامية الحقيقية التي تقف شامخة، مستعصية على التحريف والتبديل، أو حتى المداهنة، وإن داهن الأتباع، فلا يجرؤ أحد على تغيير حرف واحد من مقررات الرسالة الخاتمة، ولو حاول لأصبح وقد افتضح أمره، كما أثر عن عبد الله بن المبارك، رحمه الله، وقد حاول الزنادقة في كل العصور الدس في دين الإسلام، فكان لهم حرس الرسالة الساهر من علماء الملة بالمرصاد، فأين ذلك من ملة الباباوات التي يتصرف فيها إلى يوم الناس هذا بالحذف والإضافة، ولعل تبرئة يهود من تهمة قتل المسيح عليه السلام خير شاهد على ذلك.

وكالعادة: كان المستهدف في هذه الحملة المغرضة: عقيدة الولاء والبراء: أوثق عرى الملة، فلم يخل البرنامج من استشهاد بأشعار الوحدة الدينية الكونية، من قبيل قول الشاعر الفلسطيني ذي الجذور الشيوعية: محمود دوريش: جنسيتي في كل قلوب العالم، أو كلمة نحوها، وهي كلمة ذات مغزى عميق، يلائم توجهات الغرب في إذابة الشخصية الإسلامية بل والشخصية الإنسانية، فدين الإنسانية الجديد: دين فضفاض لا جنسية له ولا حدود تفصل بين معتنقيه، فلا ولاء ولا براء فيه أصلا، وإنما البشر فيه كتلة هلامية لا معالم لها، فيستوي فيه المؤمن والكافر، الرجل والمرأة ........... إلخ، ولعل ذلك من موروث محمود درويش الشيوعي، فالشيوعية قد أجادت العزف على وتر المساواة التي تقتضي التشارك في كل شيء حتى في الأعراض، على طريقة المدن الفاضلة التي تزول فيها الأحقاد إذا صار كل شيء مشاعا!.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير