ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[30 - 03 - 2009, 10:24 م]ـ
بحر الرمل وصديق في حلب
كان بحر الرمل طالبا في الجامعة بالسنة الثانية وله صديق على شاكلته دخل كلية الحقوق في ذات جامعة بحر الرمل،
وبما أن الاثنين من مدينة الحسكة التي تبعد عن حلب حوالي 400كم كانا يسافران معا،
وفي إحدى ليالي الشتاء الشمالي التي تقص ببردها المنشار، أقنع الصديق الحقوقي بحر الرمل بالسفر في القطار (جدي لعب بعقل تيس)، وقد أكد بما يشبه القسم أن السفر بالقطار لا ينسى (كان بحر الرمل يسافر بالحافلات ولم يركب قطارا قط)
وبالفعل كانت رحلة القطار لا تنسى!!
تبدأ المعاناة في الساعة الحادية عشرة، حيث يصل القطار المنتظر من مدينة القامشلي، فيصعد بحر الرمل وصديقه القطار بعد أن كادا يتجمدان من البرد
ويا لهول المفاجأة ...
كان القطار ممتلأ عن بكرة أبيه، وليس فيه موطئ قدم، عند ذاك اضطرب بحر الرمل، وطار ما أبقاه القر من عقل في رأسه، وزوحفت جميع تفعيلاته واختلط ببحر الرجز من الجنون، وراح يصب اللوم والتقريع على ذاك الحقوقي "الذي لم يتخرج بعد" (*) ....
وبعد جهد جهيد وجد بحر الرمل وصديقه أماكن للجلوس
كان بحر الرمل يرى قطارات الأفلام وما فيها من علامات رقي وتحضر،وراح يجهز مخيلته لرحلة رومانسية لن ينساها كما أكد صديقه
ولكن الصدمة في لحظات بخرت كل ما رسمه رغم برودة الطقس ودرجة الحرارة التي تقل عن الصفر
مشى القطار يتلوي على دربه الحديدي، فجأة ودون سابق إنذار سقطت النافذة، وراح الهواء البارد يلفح الاثنين
قفز بحر وراح يبحث عن مسؤول في كومة الخردة هذه وقد أفلح بالاتيان بأحدهم
ولكن ....
نظر المسؤول بعين فاحصة ثم أطلق مقولته الشهيرة:
"أيْ وقَع الشباك"
ياله من إنسان ذكي لقد اكتشف مخبوءا كان يمكن أن يظل طي الكتمان!!!
ولأنه رجل متواضع قرر تركنا بعد أن أودعنا سره العظيم واكتشافه الخطير، والمضي دون أن يفعل لنا شيئا .....
وبقي الاثنان في حضن الزمهرير يتقلبان!
كانت أسنان بحر الرمل تصطك من البرد ومن الغضب وكان الصديق البردان يتحاشى النظر في عيون بحر الرمل الذي كان مستعدا للانقضاض عليه ورميه من النافذة عند أدنى استفزاز
خاصة وأن الصديق متخصص بحركات الاستفزاز
ولا أدري لمَ تركها هذه المرة وخيرا فعل ...
قبل الوصول في الصباح الباكر المطير توقف القطار عن السير ربما هي رحمة من الله
التي أوقفت القطار لنرتاح قليلا من سياط البرد والزمهرير التي كانت تلذعنا من تلك النافذة المشؤومة
ضج رفاق الدرب "ربما رفاق السكك أنسب" في المقاعد الأخرى وعلت أصواتهم محتجين
وجاء الرد بحدوث عطل في القطار ويحتاج على أقل تقدير نصف ساعة
تبسم بحر الرمل وراح ينشد في سره للمتنبي:
بذا قضت الأيام ما بين أهلها ..... مصائب قوم عند قوم فوائد
هو ذاته المتنبي الذي كان يقول:
كلما رحبت بنا الروض قلنا ... حلب قصدنا وأنت السبيل
من المؤكد أن المتنبي لم يركب قطارا إلى حلب وإلا لكان اختار دفء جنوب العراق على قر
الشمال "ليالي الشمال الحزينة ظلي اذكريني "
وصل القطار حلب الشهباء في يوم غزير الأمطار وراح بحر الرمل يقضي شؤونه في أروقة كلية الآداب في جامعتها بينما كان صديقه ذو الرأس الكبير هو الآخر في كليته
التي تشبه فكرته بالسفر القطاري في القبح ... !
ورغم كل ما حدث يذكر بحر الرمل الحادثة بابتسامة ويتندر بها مع الصحب في سمراتهم
ولايزال على يقين بـ:
حبه لشتاء الشمال على قسوته المفرطة في تلك اللية
حبه للسفر والتنقل بين البلاد والعباد
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) ليت شعري كيف هو الآن كم أشتاق إليه ذلك الأحمق.
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[30 - 03 - 2009, 10:49 م]ـ
أستاذنا العايد ما كان ضر لو أخذتم مقادير" الكبسة " معكم هداكم الله:)
قدر الله وما شاء فعل وغفر الله لكم ولنا أجمعين.
ـ[العايد]ــــــــ[31 - 03 - 2009, 10:52 ص]ـ
من ذكريات السفر:
قبلة على خد العروس
كانت شمس الأصيل قد آذنتْ برحيل آخر يوم من أيّام شهر أغسطس الحارّة حينما كنت واقفاً في الطائرة أسأل زميلي الدكتور عبدالرحمن قائلاً له:
يا أبا ياسر أترغبُ في أن تجلس بجانب النافذة أم في الممر؟
¥