تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فالنصارى الشرقيون بحكم التقارب الديني مع صليبي أوروبا مع الاختلاف المذهبي، قاموا بدور كبير في دعم القوات الصليبية الغازية دعما: لوجستيا واستخباراتيا، بلغة العصر، فقد لعبوا دورا كبير في استيلاء الصليبيين على معرة النعمان سنة 491 هـ، وعندما اشتد الجوع والعطش بالصليبيين المحاصرين لبيت المقدس سنة 492 هـ، قام النصارى بدور المرشدين إلى مناطق الغابات والينابيع، كما أنهم ساعدوا "صنجيل" الفرنجي في حصار طرابلس سنة 495 هـ، وأما الأرمن فيتضح موقفهم عندما وصل الصليبيون إلى منطقة أرمينية في جبال طوروس فقد مد لهم سكانها من الأرمن النصارى يد المساعدة وأحسنوا استقبالهم ومعاملتهم، وزودوهم بكل ما كانوا يحتاجون إليه من مؤن وأقوات، ولولا ذلك لأخفق الفرنج في مواصلة الزحف ولألحق بهم السلاجقة الأتراك هزيمة منكرة، ولكن هذه المساعدات التي تلقوها من الأرمن هيأت لهم الجو لمواصلة العدوان المسلح والتوغل في الشرق الإسلامي.

بتصرف من: "دولة السلاجقة"، ص506، 507.

وقد تكررت تلك الخيانة في العصر الحديث لما تواطأ الأرمن مع روسيا القيصرية الأرثوذكسية ضد الخلافة الإسلامية في إستانبول، وهو الأمر الذي استدعى عقابا رادعا تم تضخيمه على طريقة: "المحارق النازية"!، ليتحول إلى مذابح جماعية للأرمن المساكين على أيدي المسلمين المتوحشين!.

ويحكي ابن كثير، رحمه الله، في "البداية والنهاية"، في: صفة أخذ المغول دمشق وزوال ملكهم عنها فقال:

"أرسل هولاكو وهو نازل على حلب جيشا مع أمير من كبار دولته يقال له كتبغانوين، فوردوا دمشق في آخر صفر فأخذوها سريعا من غير ممانعة ولا مدافع، بل تلقاهم كبارها بالرحب والسعة، وقد كتب هولاكو أمانا لأهل البلد، فقرئ بالميدان الأخضر ونودي به في البلد، فأمن الناس على وجل من الغدر، كما فعل بأهل حلب ................. وسلموا البلد والقلعة إلى أمير منهم يقال له إبل سيان، وكان لعنه الله معظما لدين النصارى، فاجتمع به أساقفتهم وقسوسهم، فعظمهم جدا، وزار كنائسهم، فصارت لهم دولة وصولة بسببه، وذهب طائفة من النصارى إلى هولاكو وأخذوا معهم هدايا وتحفا، وقدموا من عنده ومعهم أمان فرمان من جهته، ودخلوا من باب توما ومعهم صليب منصوب يحملونه على رؤوس الناس، هم ينادون بشعارهم ويقولون: ظهر الدين الصحيح دين المسيح.

ويذمون دين الاسلام وأهله، ومعهم أواني فيها خمر لا يمرون على باب مسجد إلا رشوا عنده خمرا، وقماقم ملآنة خمرا يرشون منها على وجوه الناس وثيابهم، ويأمرون كل من يجتازون به في الأزقة والأسواق أن يقوم لصليبهم، ودخلوا من درب الحجر فوقفوا عند رباط الشيخ أبي البيان، ورشوا عنده خمرا، وكذلك على باب مسجد درب الحجر الصغير ............... وحكى الشيخ قطب الدين في ذيله على المرآة أنهم ضربوا بالناقوس في كنيسة مريم فالله أعلم.

قال: وذكر أنهم دخلوا إلى الجامع بخمر وكان في نيتهم إن طالت مدة التتار أن يخربوا كثيرا من المساجد وغيرها، ولما وقع هذا في البلد اجتمع قضاة المسلمين والشهود والفقهاء فدخلوا القلعة يشكون هذا الحال إلى متسلمها إبل سيان فأهينوا وطردوا، وقدم كلام رؤساء النصارى عليهم.

فإنا لله وإنا إليه راجعون". اهـ بتصرف.

وفي العصر الحاضر: سبقت الإشارة إلى دور الجنرال يعقوب: باعث الحركة الوطنية!، كما يسميه البعض، إذ لعب دورا كبيرا في تحرير مصر من الاحتلال العثماني!، أو: الإسلامي بين قوسين، بالتحالف مع الاحتلال الصليبي الفرنسي!.

وأقيمت قضية: "التعصب"، واحترام وجود الآخر، وحقه في المشاركة في صنع القرار السياسي ......... إلخ على قدم وساق في مصر، فكان الإنجليز، مع اختلافهم المذهبي، خير معين لنصارى مصر على التمدد، بإنشاء الكنائس والمدارس بكثرة تفوق احتياجاتهم، وتولي المناصب الوزارية الحساسة بشكل لا يتناسب مع نسبتهم الحقيقية من الشعب المصري ذي الغالبية الساحقة من المسلمين. وهذا أمر مطروح في الساحة السياسية والاجتماعية في مصر الآن نتيجة تمدد النصارى الذين استعانوا، كعادتهم، بالمستعمر، وهو أمريكي هذه المرة، في مقابل انكماش القيادة السياسية المغلوبة على أمرها المكبلة بالاتفاقيات الجائرة المحاطة بسياج من المشاكل الدنيوية

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير