تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

صحيح أن انتشار العلمانية سوف يؤثر على النصرانية أيضاً مهما بذلت الاحتياطات، ولكن ما دامت تقضي على الإسلام فلا بأس، على حد قول الشاعر:

اقتلوني ومالكا ******* واقتلوا مالكاً معي

وجهود نصارى الشرق في هذا المضمار كثيرة لا يتسع المجال لتفصيلها، ولكن يمكن تقسيمها قسمين:

1 - الأعمال السياسية:

فقد كانوا على صلة وثيقة بالجمعيات الهدامة في الغرب وشبكات الجاسوسية العالمية، ولذلك كونوا الجمعيات السرية التي تناهض الخلافة الإسلامية وتدعو إلى حكومة لادينية وطنية أو قومية، من هذه الجمعيات: جمعية بيروت (فارس نمر) وجامعة الوطن العربي (نجيب عازوري) والجمعية القحطانية، وجمعية العربية الفتاة، ثم الحزب القومي السوري (أنطوان سعادة) وأخيراً حزب البعث (ميشيل عفلق).

2 - الأعمال الفكرية:

كان هؤلاء أول من نشر الثقافة والفكر الغربيين مستخدمين الوسائل الحديثة لا سيما الصحافة، فأصدروا صحفا كثيرة منها: الجنان والمقتطف والهلال، وكان محرورها أمثال نصيف اليازجي ويعقوب صروف وجورجي زيدان يمثلون طلائع اللادينية في الشرق الإسلامي.

واتجه قسم منهم إلى التراث والتأليف الموسوعى اتجاهاً يشابه طريق المستشرقين فألفوا المعاجم اللغوية والقواميس للترجمة وبعض الموسوعات والبحوث، ومن هؤلاء أحمد فارس الشدياق، (ويقال بأنه أسلم آخر عمره، كما أشار المؤلف في الهامش، والله أعلم)، وبطرس البستاني ولويس شيخو.

وبعضهم انكب على الفلسفات الغربية فنشر مؤلفاتها ومجد زعمائها ودعا العرب إلى اعتناقها وإقامة حياتهم على أسسها، من هؤلاء شبلي شميل الدارويني المتطرف وسلامة موسى.

كما ظهر منهم شعراء أذكوا بشعرهم الحماسي القومي ضد الإسلام مثل إبراهيم اليازجي وبشارة الخوري والشاعر القروي وشعراء المهجر.

ويعترف ألبرت حوراني بأنه: "قد نادى بفكرة مجتمع قومي علماني فريق من الكتاب المسيحيين" السوريين، وينقل عن أحدهم (شبلي شميل) قوله:

"ليس الحكم الديني والحكم الاستبدادي فاسدين فحسب بل هما غير طبيعيين وغير صحيحين، فالحكم الدينى يرفع بعض الناس فوق سواهم ويستخدم السلطة لمنع نمو العقل البشرى نمواً صحيحاً … وهما يشجعان العقل على البقاء في حالة الجمود وبذلك يعرقلان التقدم التاريخي الذي هو ناموس الكون، لكن بالإمكان تصور نظام للشرائع والحكم يقوم على نواميس الكون يسمح بالتالى لتطور النمو الكونى أن يستمر وللإنسان أن يعيش وفقاً لطبيعته"، (فتحل الأنظمة الأرضية المتطورة محل الوحي السماوي الجامد!)، إلى أن يقول " "الأمم تقوى بمقدار ما يضعف الدين، فهذه أوروبا لم تصبح قوية ومتمدنة فعلاً إلا عندما حطم الإصلاح والثورة الفرنسية سلطة الإكليروس على المجتمع وهذا يصح أيضاً على المجتمعات الإسلامية".

(وهي المساواة الجائرة بين الإسلام والنصرانية الكنسية التي لبسوا بها على المجتمعات الإسلامية المتخلفة لنبذها الإسلام فأوحوا إليها أن سر تخلفها هو أنها مسلمة متدينة، وسبيل الخلاص من ذلك أن تصير علمانية لادينية).

ويتحدث عن فرح أنطوان بأنه: "كان هدفه السياسي شبيهاً بهدف الشميل وسواه من كتاب عصره اللبنانيين ذلك أن توخى وضع أسس دولة علمانية يشترك فيها المسلمون والمسيحيون على قدم المساوة التامة" وينقل عنه قوله: "أن العالم قد تغير فالدول الحديثة لم تعد قائمة على الدين بل على أمرين: الوحدة الوطنية وتقنيات العلم الحديث".

وقوله: "وأما في العصر الحديث فالوحدة تتم بخلق الولاء القومي والفصل بين السلطة الدينية والسلطة المدنية".

وصدر مثل هذه الدعاوي عن معظم الكتاب والصحفيين النصارى وبإمكان المرء أن يلمس شيئاً من ذلك في أي كتاب لسلامة موسى أو مقال لأمير بقطر مثلاً.

أما الجمعيات والأحزاب السياسية فغير خاف ما تقوم عليه أسسها وشعاراتها من تنكر للإسلام ودعوة صريحة إلى اللادينية.

وقد اتخذت النظمة المعادية للإسلام من الأقليات النصرانية ذريعة لرفع الشعار العلماني: "الدين لله والوطن للجميع"، ومنع تطبيق الشريعة الإسلامية". اهـ

بتصرف من: "العلمانية"، ص556_558.

&&&&&

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير