تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد انحطت أوروبا إجمالا من مرتبة الأخلاق الإنسانية، ولا نقول الشرعية المستمدة من الوحي، انحطت من تلك المرتبة إلى مرتبة الغرائز الحيوانية، فشهوات الأجساد المادية تحكم الأفراد، حتى استباح من استباح منهم إتيان البهائم على شاشات التلفاز، كما يحكي أحد الفضلاء عندنا في مصر ممن ابتلي بزيارة الولايات المتحدة الأمريكية، وشهوات النفوس المعنوية تحكم الجماعات، فالظلم والقهر والتسلط وحب الزعامة وفرض مناهج الحياة بأدق تفاصيلها على الآخرين، باسم العولمة، سمة بارزة في أخلاق شرطي العالم، وإن شئت الدقة فقل: "بلطجي العالم" الذي يحاول تدويل حضارته بالعافية! على كل شعوب المعمورة لا سيما شعوب الشرق المسلم، العقبة الكؤود أمام الحضارة الغربية العلمانية الظاهر الصليبية الباطن.

إن الكلب، كما يقول، أحد المفكرين المعاصرين، عندما يأتي أنثاه في الطريق، إنما يأتيها بمقتضى الغريزة المطلقة، فلا قيد من عقل أو شرع يحول بينه وبين ذلك، ومع ذلك يستنكر كثير منا ذلك المشهد، مع أنه لا يملك مؤاخذة ذلك الكلب، ولو آخذه، لاتهم في عقله، كما اتهمت نفسي بعد تلك الثورة على تلك القطة!، وفي كثير من شوارع وحدائق الدول الأوروبية، وباسم الحرية الشخصية، انحط كثير من الآدميين إلى مرتبة ذلك الكلب، فسلبوا نعمة: الوحي والأخلاق والعقل، فلم تبق لهم إلا نعمة الوجود والحياة والحيوانية!.

وفي الولايات المتحدة الأمريكية: تعقد المجالس العائلية، لبحث مشكلة الفتاة التي تصل إلى سن 14 دون تجربة عاطفية، تنتهي غالبا بارتكاب فاحشة الزنا!، وينقل أحد الفضلاء في محاضرة مسجلة عن صاحب الظلال، رحمه الله، وقد زار الولايات المتحدة الأمريكية، فرأى ضمن ما رأى، أما تعلم ابنتها الصغيرة: فنون المعاشرة الجنسية!، فابتدرها منكرا، فسن ابنتها لا يحتمل ذلك، فأجابته الأم بأن: الحياة قصيرة!، فإن لم تتعلم فنون الاستمتاع مبكرا، حرمت من قدر لا بأس به منها، فهل بعد هذا الضياع من ضياع، وهل بعد سوء الظن بالله، عز وجل، باستعجال لذة زائلة في دار الفناء يأسا من نيل اللذة الخالدة في دار البقاء، هل بعده سوء ظن؟!، وهذا أمر نشاهده عندنا في مصر في مسلك السائحين الأوروبيين، فهم دوما في منتهى النشاط، يستيقظون مبكرا، ليستغلوا كل دقيقة من يومهم في القيام برحلة إلى معلم أثري، أو مباشرة لذة حسية ........... إلخ، وفي أيام عملهم: تراهم في منتهى النشاط والانضباط، فلا وقت يضيع نهارا في العمل، ولا وقت يضيع في الليل في السكر والعربدة!، فضلا عن مباذل: "الويك إند" أو: إجازة نهاية الأسبوع، كما يقول أحد الكتاب المعاصرين.

وصاحب الظلال، رحمه الله، يحكي مشهدا مضى عليه نحو نصف قرن، فكيف لو قدر له زيارة أمريكا الآن؟!، وقد قص علينا بعض زملائنا في الجامعة ممن ابتلوا بذلك، قصصا، لا يمكن سردها على صفحات المنتديات! أو المجالس الأسرية، أو حتى مجالس الأصدقاء، بل قد استأمنني أحد أصدقائي في الجامعة يوما ما على بعض تلك القصص، فاشترط علي ألا أقصها على أحد، ولم يكن، طرفا فيها، لئلا يساء الظن به، ولكنه عمل في أماكن، جعلته يطلع على مشاهد من الحضارة الأمريكية يندى لها الجبين!.

ويحكي صاحب "مذاهب فكرية معاصرة"، حفظه الله وبارك في عمره، عن برنامج تليفزيوني، عرضته إحدى القنوات البريطانية، قبل نحو ثلاثين عاما، استضاف مجموعة من الفتيات ليستفتيهن! عن الأوضاع اللاتي يفضلنها حال مباشرة العملية الجنسية، وذلك مشهد عرض على شاشة تلفاز دولة توصف بأنها دولة: "محافظة" فملكتها هي راعية الكنيسة الإنجليكانية، من نحو ثلاثين عاما، ولك أن تتخيل ما وصل إليه المجتمع البريطاني اليوم من ترد في الآدمية!

ويحكي عن عقد قران مثلي بين ذكرين! عقدته الكنيسة الهولندية، ولسان حالها: عقبال عندكم!، كما يقال عندنا في مصر، فإن تصدير تلك المباذل إلى الشرق المسلم: هدف استراتيجي للغرب النصراني على وزان: ودت الزانية لو أن كل النساء زواني!

فلا بد أن تتلطخ كل المجتمعات بتلك الأوحال كما تلطخت مجتمعاتنا!، وتلك، كما تقدم، أخلاق دين العالم الجديد: دين "العولمة"!.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير