تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أحياناً يريد أن يضرب مثالاً على شخص في مجلس من المجالس فيفضحه دون أن يشعر، فيقول للناس: تصوروا كان هناك واحد يعمل في مكان كذا، وعمل كذا وكذا، ثم الآن تاب إلى الله، وهو الآن قد صلح، والشخص الذي بهذه الأوصاف أصبح معروفاً للآخرين ومكشوفاً. فليس من المصلحة الشرعية أن تأتي على كل تائب وتقول للناس: هذا كان يفعل كذا وكذا، بل لابد من ستره، ونقول أيضاً: هب أنك رأيت شخصاً يتعاطى المخدرات مثلاً، وأحسست أنه يتعاطى المخدرات، لكن شعرت أن هذا الشخص نادم، وأنه يريد الإقلاع عن هذا الإدمان فعلاً، وأنه الآن في مرحلة علاج، وأن الرجل صادق فعلاً في الإقلاع، فهذا لابد أن تستره أيضاً. افرض أنك علمت عن امرأة من الجيران أنها تفعل شيئاً في الخفاء، فأنت قدمت النصيحة وذكّرت بالله، فالمفروض أن تستر ما شاهدت حيث لا مجاهرة، وأن المسألة في السر، إلا أن تكون المسألة مستفحلة، وأن هذا وكر فساد، وأن المسألة تتفاقم، وأن أناساً آخرين ينضمون إلى الجريمة، فعند ذلك لابد من فضحهم حتى لا يستشري فسادهم. لكن إذا شاهدت أحدهم يعمل ذنباً، فعليك أن تذكره بالله وتنصحه وتستر عليه، ومن باب أولى إذا أذنب وتاب ألا تتكلم بذنوبه السابقة. من أنواع الستر: أن يكون هذا المذنب مثلاً قد يفقد وظيفته، أو فقدها، فيأتي أحد الصالحين فيهيئ له وظيفة بعد توبته؛ لأن بعض الناس لا يبالون بمثل هذه الشخصيات، يقول: هذا كان مدمناً ماذا أريد به!! وبعض الناس لو علم أن هذه المرأة الملتزمة كان لها سوابق في الماضي، فيقول: لا يمكن أن أقترب منها مطلقاً في مسألة الزواج، وبعض الأزواج لو علم أن زوجته ارتكبت معصية فإنه يشهر بها مباشرة ويطلقها، دون أن يدع لها مجالاً للتوبة، مع أن المفروض أن يعظها، ويذكرها بالله عز وجل، ويعطيها الفرصة، فإن استقامت فالحمد لله، وإن لم تستقم طلقها.

إرشاد المذنب إلى باب التوبة

انظر إلى مواجهة الرسول صلى الله عليه وسلم لعائشة لما أشاع المنافقون الإفك، وأنها وقعت في الفاحشة مع صفوان بن المعطل السلمي رضي الله عنهما، ماذا كان موقف الرسول صلى الله عليه وسلم؟ لقد قال هذه العبارة: (يا عائشة! إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله) الرسول كان غير متأكد، فماذا فعل؟ قال لها: (إن كنت ألممتي بذنب فاستغفري الله) فقط. والآن بعض الناس قد يقع في بعض هذه الظروف، فيقول نفس الشيء: إن كنتِ ألممت بذنب فاستغفري الله، وإن اشتبهت في شخص، فقل له: إن كنت ألممت بذنب فاستغفر الله، فقط. أما أنك تتهم شخصاً أو تلزق به التهمة والمسألة مازالت ظنوناً، فهذا من الجرائم، وهذا بعينه ذنب من الذنوب ترتكبه باتهامك لشخص بريء. ولذلك كان من الاستيصاء بالتائبين خيراً: إرشادهم إلى باب التوبة المفتوح، وإلى عظم مغفرة الله ورحمته، وهذه فيها نصوص كثيرة جداً من القرآن والسنة، قال تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ [الأعراف:156] .. قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ [الزمر:53] .. وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ [آل عمران:135]. (إن للتوبة باباً عرض ما بين مصراعيه كما بين المشرق والمغرب، لا يغلق حتى تقوم الساعة) .. (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) .. (من علم أني ذو مقدرة على مغفرة الذنوب غفرت له ولا أبالي) .. (يا عبادي! إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم) .. (يا ابن آدم! لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة). إرشاد للناس هؤلاء، فتح للطريق، حين تريهم الأمل فإنك تجعلهم يستمرون في التوبة، وتجعلهم يقبلون على الله عز وجل، وتزيل اليأس من قلوبهم؛ لأن كثيراً من هذه النوعيات يحصل عندهم اليأس والقنوط، فيقول: الآن لا يمكن أن يغفر الله ذنوبي كلها، وليكن موقفك فيه كموقف العالم الذي جاءه قاتل المائة، قال: (قتلت مائة نفس، فهل لي من توبة؟ قال: ومن يحول بينك وبين التوبة؟). أما قضية أن يرى الإنسان مذنباً، فيقول: والله لا يغفر الله لك، فهذه من أعظم المصائب. يُروى أن رجلاً قال: (والله لا يغفر الله لفلان، قال

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير