تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

خُبْزًا شَعِيرًا. فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْمُتَابَعَةِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ اعْتِبَارِ الْقَصْدِ وَالنِّيَّةِ: {فَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى} ". اهـ

فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يكن يلبس نسج اليمن ويأكل طعام أهل المدينة على وجه التعبد ليقال بأن من سنته أكل كذا وكذا، ولبس كذا وكذا، وإنما فعل ذلك بمقتضى الجبلة البشرية فكان يأكل ويلبس ما تعارف عليه أهل بلده، وفق ضوابط شرعية عامة كتحريم أطعمة بعينها وتحريم أو كراهة هيئات في اللباس بعينها كالإسبال، على خلاف في تحريمه مطلقا أو مقيدا بالخيلاء .............. إلخ، وأما نفس الفعل، فهو من المباح الذي يشترك فيه عامة البشر فلا وجه للتعبد فيه، ولذلك كان فاعله على وجه التعبد متكلفا، وغاية ما يقال في حقه أنه ممدوح من جهة تقصده متابعة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الهيئة، فلا يقال بأن فعله في حد ذاته عبادة، لأنه، كما تقدم، فعل جبلي محض يشترك فيه المؤمن والكافر، وبذلك اعتذر عن صنيع ابن عمر، رضي الله عنهما، في شدة حرصه على متابعة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في فخرج ذلك على نية المشابهة في الهيئة لا التعبد بذات الفعل مع أن الراجح في ذلك هو قول جمهور الصحابة، وعلى رأسهم أبوه عمر، رضي الله عنه، بالمنع من ذلك سدا لذريعة الابتداع والزيادة في الدين ما ليس منه بجعل المباح المحض عبادة يثاب فاعلها.

فالتخصيص بفضيلة لا يكون بالأهواء المجردة، فتخص أزمنة وأمكنة بطقوس تعبدية بلا مستند صحيح، كما هو مشاهد عندنا في مصر في الموالد التي تشد فيها الرحال إلى القبور والأضرحة على وجه التعبد، فالمسافر يحتسب عند الله، عز وجل، أجر سفره، وكأنه في رحلة حج أو عمرة!، وتكاد طقوس الحج تمارس في تلك الأماكن من طواف وذبح ونقل بعض الفضلاء عندنا في مصر: الحلق أيضا، فلم يبق إلا الإحرام والتجرد من المخيط ليصير حجا مضاهيا للحج الشرعي، وفي بلاد غلب عليها البدعة أصبحت زيارة ضريح الإمام ذات شعائر مخزية، فالوفود ترد وتطوف زاحفة!، فضلا عما لزيارة قبر الإمام من ثواب يفوق ثواب زيارة البيت الحرام، وتلك من الشعب التي اقتبسها مبتدعة أهل القبلة من النصارى، والأصل واحد: الجهل العلمي المستلزم لـ: الفساد العملي والغلو والتعصب وإن ادعى من ادعى محبة الآخر والتسامح معه فواقع الأمر في معتقلات وزارة الداخلية في أرض الرافدين ووزارة الداخلية في دولة الكنيسة التي نشأت حديثا في مصر يشهد بخلاف ذلك!.

والعاقل قبل أن يتناول طعاما أو يشتري حذاء، أكرمكم الله، يسأل ويستفصل لئلا يغش ويخدع، وفي أمر الدين يقلد رؤوس الضلال في استسلام عجيب لا تراه في أمور الدنيا، وكما قال أحد الفضلاء عندنا في مصر ما معناه: لو اهتم كل مسلم بنصرة الإسلام قدر اهتمامه بحذائه لانتصر الإسلام!، وهي مقالة تعم بقية الملل والنحل فلو اهتم كل عاقل بأمر دينه قدر اهتمامه بحذائه، وأحسن اختيار مصدر التلقي كما يحسن شراء حذائه، وفاضل بين المقالات المختلفة بميزان العقل والفطرة، كما يفاضل بين حذاءين يتخير أجودهما!، لو فعل ذلك لكان إلى اتباع الهدى أقرب.

والمسلمون مع اتهام أعدائهم لهم بعدم العقلانية يدعون أمم الأرض جميعا إلى استعمال ميزان العقل المعطل في باب العقائد والأحكام، فهو فعال في صناعة الصواريخ وتصميم المواقع على الشبكة العنكبوتية .............. إلخ، معطل في القضية المصيرية الأولى: قضية النجاة يوم الدين، أليست تلك أولى بالاهتمام؟!، أليس حال البشرية اليوم وقد حادت عن طريق النبوات أحوج ما يكون إلى معرفة تفاصيل اليوم الآخر عل ذلك يحملها رغبا أو رهبا على تعديل مسارها المنحرف في العلوم والأعمال والسياسات والأخلاق، فلم تترك منها شيئا إلا أفسدته؟!. وإذا تقرر ذلك: تبادر إلى الأذهان السؤال عن مصدر تلقي ذلك: هل يكون من عقل فلان أو فلان؟! هل يكون من حكايات تشبه إلى حد كبير أساطير ألف ليلة وليلة، فلا مستند لها، وإنما محض قصص مرسل كالقصص الذي يتلهى به الأطفال؟!، أو يكون ذلك من وحي معصوم حفظه الله، عز وجل، من التبديل والتحريف، شهد بصحة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير