ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[16 - 08 - 2009, 03:01 ص]ـ
سلمت يمينك يا أستاذ مهاجر وبارك الله فيك ومعذرة على التأخر فى الرد ...
ـ[مهاجر]ــــــــ[25 - 08 - 2009, 07:24 ص]ـ
وبارك فيك أخي الكريم وجزاك خيرا على المرور والتعليق.
وفي سياق تال:
وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ: فذلك من العموم في معرض بيان دلالة الإنشاء والاختراع للجنات فمنها: المرفوع كالكروم المعلقة، ومنها غير المرفوع فهو على الأرض جار قد كساها بحلة بهيجة، وذلك التباين في الهيئات والألوان من دلائل طلاقة قدرة الإيجاد والإبداع، فليس الخلق على نمط واحد، بل فيه من مختلف الصور ما يدل على كمال الربوبية الموجدة، فخلق الأشياء على حد التباين بل التضاد فمنها: الأبيض والأسود، ومنها: الحلو والحامض، ومنها: الشجر القائم والنجم الساجد ......... إلخ، كل ذلك مئنة من كمال ربوبيته جل وعلا.
ووصف "الجنات": بـ: "مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ": إطناب بالوصف المحسن في معرض بيان كمال المنة الربانية، كما أشار إلى ذلك، صاحب "التحرير والتنوير"، رحمه الله، فتلك دلالة العناية المتممة لدلالة الإيجاد.
وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ: إطناب بالخصوص بعد العموم، فتلك من ثمار الجنات، فالنص عليها من باب ما اطرد من بيان تمام المنة الربانية بتنوع المآكل، فهو دليل اختراع في حق الرب، جل وعلا، دليل عناية في حق العبد الذي خلق له ما في الأرض جميعا على حد الإباحة بقرينة المنة إذ لا منة بمحرم، فالمنن الربانية لا تكون إلا بالطيبات ولذلك حمل الفعل في قوله تعالى: (كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ): على الإباحة، إذ الأكل ليس بواجب شرعي بداهة، فقرينة سياق المنة صارفة للأمر من الإيجاب إلى الإباحة، وكما اطرد في الآيات السابقة: لا بد من تكليف شرعي في مقابل العطاء الكوني، فقرن بأمر الإباحة أمر الإيجاب:
وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ: فتلك زكاة الزروع الواجبة، فيكون الإجمال في الآية مبينا بنصوص زكوات الثمار: أصنافا وأنصبة ومقادير.
فالاقتران بين فعل الربوبية وأمر الألوهية: اقتران متلازمين عقلا أيده الوحي نقلا، فالنقل الصحيح، كما تقدم مرارا، لا يأتي بما يعارض العقل الصريح، فالقياس القرآني، والبرهان العقلي متعاضدان في تقرير الرسالة أخبارا مصدقة وأحكاما مدققة.
وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ: وذلك من حد التكليف فرعا عن المنة بالإيجاد والعناية، وهو تكليف بالكف سلبا، إكمالا للقسمة العقلية: فأمر موجب للزكاة ونهي ناف للإسراف قد ذيل بعلته إمعانا في البيان: (إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ).
ثم ذكر جل وعلا، دليلا آخر من أدلة الإيجاد والعناية:
وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا: فتفضل عليهم بأجناس الثمار المزروعة وأجناس الدواب المركوبة، فقد أوجدت بقدرة نافذة وحكمة باهرة في تقدير هيئاتها لتكون صالحة للانتفاع، وتسخير أبدانها لتكون مطية للإنسان، فهي حمولة في الركوب، فرش في الأكل إذ تفرش على الأرض حال ذبحها للانتفاع بلحومها، كما ذكر ذلك أبو السعود، رحمه الله، وفيه رد على ما افتروه في آيات سابقات من قبيل: (وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ)، إذ ذلك شرع لم يأذن به الله، عز وجل، فاحتج عليهم، جل وعلا، بإيراده في معرض الامتنان بتكوينه وإعداده، وبيان منافعه العامة التي لا تخص جنسا من المكلفين دون جنس، بل هي عامة لكل البشر على اختلاف أجناسهم وهيئاتهم، بقرينة عموم الأمر في: (كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ)، فواو الجماعة نص في العموم، يلحق به الإناث، وإن وضع ابتداء للذكور، بقرينة عموم خطاب القرآن إلا ما ورد فيه التخصيص، فدخولهن فيه: ابتداء، أو قياسا على الذكور بجامع التساوي بين الجنسين في التكليف الشرعي فهو الأصل، كما تقدم،
¥