تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وضوح أدلة الإيمان الباهرة، مع كونه غير مراد شرعا، إلا أن به يظهر من آثار جبروت الرب، عز وجل، وقدرته، ما صرف به تلك القلوب عن التسليم والانقياد، وإن حصلت لها المعرفة والانقياد، فذلك مئنة من عدله فلم يظلمهم شيئا كان لهم فهو محض فضل منه، جل وعلا، يهبه من يشاء ويمنعه من شاء، وحكمته، إذ لم يضع الخير في محل غير قابل، وقدرته، إذ منع أولئك من الانقياد مع استيفاء شروطه على حد تقوم به الحجة الرسالية على العباد.

ومن صور دلالة العناية: إجابة دعاء المضطرين ولو كانوا كافرين:

وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا: فالتذييل بوصف الإنسان بالكفران على حد المبالغة إشارة إلى ما عطله العباد من لازم تلك الدلالة الربانية، فإن القلوب قد جبلت على حب من أسدى إليها معروفا، ولو كان مخلوقا ضعيف القوى قاصر الفعل لا يملك إيصال النفع على حد الاستقلال بالتأثير فغايته أن يكون سببا مسخرا في إيصال النفع إلى غيره، فكيف إذا كان من أسدى المعروف هو الرب، جل وعلا، المتصف بكل كمال مطلق، وكيف ومعروفه على حد: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)؟!. فلازم ذلك في القياس الصحيح إفراده بأجناس التأله ظاهرا وباطنا، قولا وفعلا، ليستقيم العقل على القياس الصريح، ولتستقيم الفطرة على سنن التوحيد الإلهي الصحيح: توحيد الأنبياء عليهم السلام، توحيد: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ). توحيد: (وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).

ومن صورها أيضا:

وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا.

فكرمناهم في الخلقة الظاهرة فلا يمشون على أربع كسائر المكَوَّنات، وكرمناهم في العلم الباطن. فذلك من دلالة الإيجاد والعناية، وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبيات إجمالا، ثم جاء الإطناب بالتكرار المعنوي لمعنى التفضيل فهو من جنس التكريم الذي صدرت به الآية.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[20 - 09 - 2009, 09:16 ص]ـ

كل عام وأنتم بخير أيها الكرام.

لا تنسوا الشيخ أبا يزن، شفاه الله ورده سالما معافى في دينه وبدنه، لا تنسوه وأهله من صالح دعائكم فله من الأيادي البيضاء على أعضاء هذا المنتدى ما يجزيه الله عليها خير الجزاء، والحمد لله على الابتلاء وسؤال الصبر والاحتساب أعظم سؤال في هذه الأحوال التي يمحص الله، عز وجل، فيها عباده الصالحين بأجناس البلاء، نحسبه وأهله منهم والله حسبهم ولا نزكي عليه أحدا من عباده.

ومن قوله تعالى: (مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا)

فذلك من دلالة الإيجاد، فإن الله، عز وجل، قد استأثر بوصف الخلق على حد الإيجاد من العدم على غير مثال سابق، فخلق السماوات والأرض، وتلك من الآيات الآفاقية، وخلق الأنفس، وتلك من الآيات النفسانية، فنبه بذلك على دلالتي الإيجاد: إيجاد المحال: السماوات والأرض، و: إيجاد الذوات وما يتضمنه من الدقائق الغيبية من أجل ورزق وعمل وسعادة أو شقاء والدقائق المشهودة بوسائل العلم التجريبي من اختلاط للأمشاج لتكوين خلية نامية تجمع صفات الأبوين، لها من حيوية الانقسام ما تصير به أنسجة تكون أعضاء، وأعضاء تتركب منها الأبدان، ولكل انقسام: ضابط محسوس، إذ ينفصل الشريط الوراثي المزدوج فتنحل الروابط الكيمائية بين القواعد النيتروجينية في كل شريط، ثم يبدأ كل شريط في إنتاج نظير له، على هيئة قطع متجاورة سرعان ما تلتحم بواسطة إنزيمات لاصقة، فالشريط من الشرائط قد كون، على بعد محدد من الشريط الأم يضمن انقساما طبيعيا، فإذا زاد ذلك التباعد عن قدر معين، نشطت الخلايا في

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير