تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ: فخص بذكر تلك الهيئات، ثم عم: يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ، وذيل بالعلة: إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[03 - 10 - 2009, 03:09 م]ـ

ومن قوله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا).

فصدر الآية بما يليق من الثناء بالباري، عز وجل، إذ صيغة تفاعل دالة على الكثرة والسعة، والكثرة والسعة في هذا الباب: كثرة لأوصاف الكمال المطلق، وسعة ذات وصفات فهي على حد الكمال المطلق، وذلك جار على أوصاف من قبيل العظمة، كما سبقت الإشارة إلى ذلك في مواضع أخر، فعظمته، جل وعلا، عظمة ذات وصفات، كما أن سعته سعة ذات وصفات، فالمفاعلة هنا من باب الزيادة في المعنى فرعا عن زيادة المبنى في الفعل الدال على البركة.

قال البيهقي، رحمه الله، في "الاعتقاد":

"قال أبو منصور الأزهري: معنى تبارك: تعالى وتعظم. وقيل: هو تفاعل من البركة، وهي الكثرة والاتساع". اهـ

ووجه استحقاقه، عز وجل، الثناء على حد التعبد بالأمر الشرعي بإنشاء الثناء عليه، جل وعلا، على حد ما سنه على ألسنة رسله عليهم السلام، وجه ذلك:

دلالة الإيجاد والإبداع إذ هو:

الذي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا

فالجعل كوني بكلماته التكوينية النافذة، فجعل في السماء بروجا نكرت على حد التعظيم فهي القصور العالية في السماء، وقد اشتق اسمها من مادة: "برج" الدالة على الظهور، ومنه قيل للمرأة التي تظهر مفاتنها: "متبرجة".

ولا تخلو من دلالة عناية، إذ الامتنان بها لأن الناس يُوقّتون بها أزمانهم كما ذكر ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله.

وأعاد فعل التكوين إمعانا في تقرير القدرة الربانية على الإيجاد، فجعل فيها أيضا: سِرَاجًا: فهو وهاج مشتعل نوره ذاتي من نفسه بما أودع الله، عز وجل، فيه من قوى الاشتعال، وَقَمَرًا مُنِيرًا: فهو عاكس لضوء السراج فنوره من غيره، إذ هو في نفسه جرم منطفئ، وفي ذلك، ما سبقت الإشارة إليه، من دلالة التنويع في الخلق على حد التضاد: باعث للضوء وعاكس له، مشتعل ومنطفئ، على كمال قدرة الرب، جل وعلا، على إيجاد الكائنات على حد التضاد الذي يقع به الكمال.

وقد ذيل بهما توطئة لما بعدهما من أثرهما في الليل الذي يضيء فيه القمر، والنهار الذي تسطع فيه الشمس، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله.

فهو: الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً: يخلف كل منهما الآخر وفق سنة كونية دقيقة يحصل بها كمال الانتفاع بهما لسائر الكائنات.

وعلة ذلك الإيجاد لهما والعناية بالكائنات بتعاقبهما على حد الانتفاع المتقدم أنهما قد وضعا: لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا: فيستدل بما فيهما من إتقان على كمال انفراد الرب، جل وعلا، بربوبية الإيجاد على حد الإتقان، فيؤديه ذلك إلى إفراده بالتأله، فيشكر الرب، جل وعلا، على تلك النعمة الكونية السابغة، فذلك من صور التأله الذي يولده التذكر بالنظر في الآيات الكونية: نظر التدبر والتأمل.

وإلى طرف من ذلك أشار صاحب "التحرير والتنوير"، رحمه الله، بقوله: "فتفيد الآية معنى: لينظرَ في اختلافهما المتفكر فيعلم أن لا بدّ لانتقالهما من حال إلى حال مؤثر حكيم فيستدل بذلك على توحيد الخالق ويعلم أنه عظيم القدرة فيوقن بأنه لا يستحق غيره الإلهية، وليشكر الشاكر على ما في اختلاف الليل والنهار من نعم عظيمة". اهـ

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[05 - 10 - 2009, 03:01 م]ـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير