تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[مهاجر]ــــــــ[07 - 10 - 2009, 05:34 م]ـ

ثم انتقل السياق إلى التحدي بآيات النبوة الحسية التي تجمع: دلالة الإيجاد إذ قد سرت مادة الحياة في العصا الجامدة فصارت ثعبانا حساسا متحركا، وانقلبت اليد إلى البياض على غير حد السوء من برص ونحوه، ودلالة العناية الخاصة بالنبي الذي يتحدى بالآية بأن يظهرها على يده على الحد الذي يقع به الإعجاز لخصومه إذ لا يقدر أحد منهم على إبطالها، ولا يرد على ذلك سحر الساحر فلا يقدر على معارضته كثير من الناظرين فيه على حد التعجب والتحير، إذ معارضته عند التحقيق ممكنة، فيتسلط على سحر الساحر: ساحر آخر، له من القدرة التأثيرية بإذن الله، عز وجل، الكوني، ما ليس للأول، فيبطل سحره، وذلك غير متصور في آيات الأنبياء عليهم السلام فلا يقدر أحد من عموم المكلفين على إبطالها، ولا يبطل نبي آية نبي سبقه، إذ دعواهم واحدة، وإنما بعث مقررا لما دعا إليه الأول من دين التوحيد العام وأصول الأحكام العامة، فكيف يأتي بآية مبطلة لآيته، أو مقالة تخالف أصولها أصول مقالته، وإنما يقع التباين والنسخ في الفروع لا الأصول فتنسخ شريعة شريعة لا على حد القدح فيها، بل العمل بتلك كان عين الحكمة والكمال زمن إحكامها، فلكل زمان ما يلائمه ولكل أمة ما يناسبها من الأحكام، ثم صارت الحكمة في ترك العمل بها والتحول عنها إلى الشريعة الناسخة لتباين الأزمان واختلاف الأمم.

فقال موسى:

أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ: على حد التحدي بإظهار آية كونية تقام بها الحجة على ذلك الطاغوت الذي لا يملك إجراءها إذ دعواه الربوبية، كما تقدم، محض افتراء.

والمبين هو: الواضح في نفسه فلا إجمال فيه ولا اشتباه، الموضح لغيره.

قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ: فذلك تحد منه في مقابل تحدي الكليم عليه السلام وشتان.

فجاء الرد فوريا:

فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ: فالفاء فضلا عن دلالة "إذا" الفجائية مئنة من التعقيب والفور وذلك أبلغ في حصول المراد من التأثير في النفوس، فضلا عن دلالته عما تقدم من دلالتي: الإيجاد ببعث الجامد حيا متحركا، والعناية الخاصة بإيقاع الآية على حد ما تحدى به.

وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ: فذلك جار على ما تقدم من الفورية التي تدل عليها: "إذا" الفجائية، وفيه إشارة إلى وصف الرب، جل وعلا، بكمال القدرة على تحويل الأعيان من الموت إلى الحياة وتحويل الأعراض من الألوان من الداكن إلى الفاتح، على حد التعريض بذلك الطاغوت الذي لا يملك من أمر نفسه شيئا فضلا عن أن يتصرف في الأحداث الكونية على حد التبديل والتأثير في الأعيان.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[08 - 10 - 2009, 06:23 م]ـ

ومن ذلك أيضا:

قوله تعالى: (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا):

فله، عز وجل، على حد الحصر والتوكيد بتقديم ما حقه التأخير فضلا عن دلالة اللام في: "لله" على: الاستحقاق والاختصاص، له وحده، عز وجل، لا لغيره، ملك ما في السماوات وما في الأرض، على حد العموم المحفوظ فلا مخصص له، إذ: "ما" نص في العموم، فلا يخرج منه عين من الأعيان المخلوقة، أو فعل من أفعال العباد المخلوقة، فكلها كائنة بكلماته التكوينيات النافذة وإن وقعت على غير مراده الشرعي بمخالفة الكلمات الشرعيات الحاكمة، فإرادته الكونية قد عمت كل الموجودات، وقد أعيد الموصول في: "وَمَا فِي الْأَرْضِ": إمعانا في توكيد العموم، فذلك الركن الأول من أركان الربوبية: ركن الخلق وهو، على ما تقدم في أكثر من موضع، من دلالة الإيجاد الكوني لكل الكائنات الحادثة بالكلمات التكوينية النافذة، على ما تقدم في العلم الأزلي الأول، الذي سطر بالقلم الأول في اللوح المحفوظ على حد حديث عبد الله بن عمرو، رضي الله عنهما، مرفوعا: "إن الله قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير