تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)

فصدر الخليل عليه السلام مقالته بالاستفهام الإنكاري، ثم ثنى بالبراءة من تلك الآلهة الباطلة فهي على حد العداوة إلا رب العالمين على القول بأنهم كانوا يؤمنون بالله، عز وجل، ويشركون معه غيره، فيكون الاستثناء متصلا، أو هم مشركون يعبدون غير الله، عز وجل، استقلالا فيكون الاستثناء منفصلا على تقدير: لكن رب العالمين هو معبودي، ثم أردف بالإطناب في أوصاف الرب، جل وعلا، إيجادا وعناية، فذلك جار مجرى التوطئة بأوصاف الربوبية لأحكام الألوهية، فيكون قوله: (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ): جوابا لسؤال قد تبادر إلى ذهن السامع: وما أوصاف الرب الذي أفردته بالعبادة، فجاء الجواب كما تقدم: (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ)، على حد قوله تعالى: (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى)، و: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى)، فذانك ركنا الربوبية: ربوبية الإيجاد خلقا، وربوبية العناية: هداية وتدبيرا، ثم أطنب في بيان صور من دلالة العناية: (وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)، على حد التوكيد بضمير الفصل فذلك مما نازع فيه البشر رب البشر جل وعلا، فادعت فئام منهم بلسان الحال أو المقال أنهم يرزقون العباد ويحيونهم ويميتونهم فلهم من دلالة العناية نصيب، وليس ذلك إلا للرب، جل وعلا، وإن نازعه فيهما من نازعه من طواغيت البشر، ثم ذكر طرفا من دلالة الإيجاد والإعدام بلا توكيد بضمير الفصل فهي من البداهة بمكان فالمحيي المميت هو الرب، جل وعلا، وبعثه الخلائق بعد الموت، أيسر بداهة من ابتداء خلقهم من العدم، وكلٌ على الباري، عز وجل، هين يسير.

ثم ذكر لازم ذلك من الألوهية فدعا إذ الدعاء من آكد صور التأله: (رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ........... )، فآل السياق إلى التوسل بالعمل الصالح، إذ الإقرار بتلك الأوصاف الجامعات لمعاني الكمال: جلالا وجمالا، مما يصدر به الدعاء على حد التوسل بأسماء الله، عز وجل، وصفاته.

ففي السياق ما اطردت الإشارة إليه مرارا من التلازم الوثيق بين أخبار الربوبية وأحكام الألوهية.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[13 - 10 - 2009, 06:15 م]ـ

ومن قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (117) فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (118) فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (119) ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ)

فقالها نوح عليه السلام في معرض الاعتذار إلى الرب، جل وعلا، فقد أبلغهم الرسالة على حد هداية الدلالة فأبوا إلا الإعراض والكفران فدعا عليه السلام: الفتاح أن يفتح بينه وبينهم بقدره الكوني النافذ، فجاء الإنجاء بصيغة لا تدل على التكرار كـ: "نجينا" مئنة من نفاذ الأمر، فضلا عن دلالة الفاء على الفورية فذلك من دلالة العناية الخاصة بالنبي وحزبه من المؤمنين واكتملت المنة الربانية كما في قصة الكليم عليه السلام، بإهلاك حزب أعدائه الكافرين، والنجاة هنا لا يلزم منها مباشرة العذاب ثم الفكاك منه، بل يطلق على من لم يباشره وقد انعقدت أسبابه واقترب أوانه، يطلق عليه وصف النجاة من العذاب وإن لم يشهده أو يذق طرفا من آلامه.

وجاءت أفعال الربوبية: "فَأَنْجَيْنَاهُ"، و: "أَغْرَقْنَا" بصيغة التعظيم الذي دلت عليه: "نا" في مقام جلال يلائمه، كما سبقت الإشارة إلى ذلك مرارا.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[14 - 10 - 2009, 05:46 م]ـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير