تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[مهاجر]ــــــــ[01 - 11 - 2009, 04:51 م]ـ

ومن قوله تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ)

على حد ما تقرر من التوكيد باللام الموطئة لقسم محذوف ولام الجواب والنون المثقلة في جواب القسم: "ليقولن": في معرض توكيد الحجة، فلو سألتهم من نزل، على حد الزيادة في المعنى مبالغة فرعا عن الزيادة في المبنى، إذ النزول أمر يتكرر فالدليل قائم مشاهد، يتكرر بتكرار نزول المطر وإحياء الأرض به وذلك أقرب إلى العقل فرعا عن قربه إلى الحواس الظاهرة التي تتلقى المعلوم المشاهد فتعمل القوى الباطنة فيه تدبرا ونظرا، وأبعد عن الغفلة إذ الدليل ظاهر يتكرر في عالم الشهادة، فلا حجة لمن زعم خفاء أدلة الحق ودقتها، بل هي على الضد من ذلك: فأدلة الحق النقلية والعقلية والحسية والفطرية قد بلغت حد التواتر المورث لصاحبه: علما ضروريا، بخلاف أدلة الباطل التي يتكلف له أصحابه من دقيق التأويلات وغريب التفسيرات ما يصيره طلاسم لا يدرك أسرارها إلا كهان الملل والنحل الباطلة.

و: "من": في: "مِنَ السَّمَاءِ مَاءً": لابتداء الغاية، والفاء في "فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا": تفريعية سببية ولا تخلو من معنى الفورية وإن كانت نسبية إذ لا تنبت الأرض بمجرد مباشرة الماء لتربتها، بل يستغرق ذلك زمانا.

وقوله: "من بعد موتها": آكد في تقرير الحجة، فإن الإحياء بعد الإماتة دليل على البعث، إذ جنس الفعل واحد، ولا يكون ذلك إلا للرب القادر، جل وعلا، فالإحياء للأرض والنشر للأجساد من أخص وظائف الربوبية فلا يتصور وقوع الشركة فيها، ولم يجرؤ عباد الأوثان على نسبتها إلى أربابهم، إذ ذلك مما يكذبه الحس فضلا عن العقل.

وإليه أشار صاحب "التحرير والتنوير"، رحمه الله، بقوله:

"ولما كان سياق الكلام هنا في مساق التقرير كان المقام مقتضياً للتأكيد بزيادة {من} في قوله {من بعد موتها} إلجاء لهم إلى الإقرار بأن فاعل ذلك هو الله دون أصنامهم". اهـ

وجاء جوابهم على حد التوكيد بتقديم المسند إليه: "الله" على تقدير: الله خلقهن، فالحذف جار مجرى الإيجاز لدلالة السؤال المتقدم عليه، وجوابهم في معرض التقرير بذلك الجواب المؤكد: آكد في إقامة الحجة عليهم، إذ الإقرار بتوحيد الربوبية لازمه إفراده، جل وعلا، بتوحيد الألوهية، فهو المراد لذاته، كما تقدم مرارا، إذ من له القدرة على الإيجاد والإحياء، ومن له كمال العناية بخلقه إذ أخرج لهم مما تنبت الأرض بذلك المطر، من له هذا الوصف، هو المستحق بداهة لكمال العبودية بالتزام ما سن على ألسنة رسله من الطرائق الشرعية العلمية والعملية.

فليس الإقرار بتوحيد الربوبية منجيا حتى يشفع بلازمه من الإفراد بتوحيد الألوهية، فهو المراد لذاته، كما تقدم، إذ العمل ثمرة العلم، فالعلم هو الذريعة الموصلة إلى العمل، فلا تكون نجاة إلا بتصور علمي نافع وحكم عملي صالح.

ثم جاء التذييل بحمد الله، عز وجل، أن ظهرت الحجة على هذا النحو القاطع، وأضرب بقوله: "بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ"، إضرابا انتقاليا في معرض الذم لهم تعجبا من حالهم، إذ أقروا بالملزوم ولم يقروا بلازمه مع ظهور التلازم الوثيق بينهما، فالتفريق بينهما: تحكم محض يدل على فساد في العقل والإرادة.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[02 - 11 - 2009, 02:59 م]ـ

ومن سورة الروم:

ومن قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير