تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[مهاجر]ــــــــ[24 - 11 - 2009, 08:13 ص]ـ

اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ: فذلك من الإلزام العقلي بتعديد أوصاف اختص بها الرب، جل وعلا، فلا يشركه غيره فيها بداهة، والإطناب في بيانها اختراعا بالخلق، وإعادته من باب أولى، وعناية بالرزق، وعموما للمتقابلات من الموت والحياة، فذلك، كما تقدم مرارا، مئنة من كمال ربوبيته، المستوجب لكمال إفراده بكمال التأله والديانة.

هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ: فهو استفهام ضمن معنى النفي، للعموم الذي أكد بدخول: "من" على النكرة الواردة في سياق الاستفهام، فإذا لم يكن لأحد سواه شيء من تلك الأوصاف الفعلية الجلالية والجمالية، فهو المنفرد بالإيجاد والإعدام قهرا، والرزق والإعطاء فضلا، إذا لم يكن لسواه شيء من ذلك فليس لسواه شيء من التأله، إذ التأله حكم عملي لتصور علمي سابق فلن يحسن أحد التأله إلا إذا صحح علومه الخبرية فعلم من كمال وصف وفعل الرب، جل وعلا، ما يصحح به إرادته العملية فجاء تألهه على الطريقة المثلى، فاستجلب بذلك مزيدا من النعم الربانية: العاجلة: (وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا)، والآجلة: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)، فلا توحيد للتأله صحيح إلا بتوحيد صحيح للرب، جل وعلا، ذاتا وصفات وأفعالا، فصحة الربوبية ذريعة إلى صحة الألوهية، والعلم سابق العمل فهو مبدؤه الباطن، فليس الظاهر إلا لسانه الناطق.

سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ: فذلك التذييل مؤكد للنفي المتقدم فسبحانه وتعالى أن يكون له شريك في التأله فرعا عن كونه لا شريك له في تلك الأوصاف التي انفرد بها فلا يدعيها أحد إلا من فسد عقله، فشاهد الحس الذي تشترك فيه جميع الأحياء فضلا عن العقلاء: ينكره.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[26 - 11 - 2009, 09:13 ص]ـ

كل عام وأنتم بخير أيها الكرام الأفاضل.

ومن قوله تعالى:

(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ):

فذلك من أفعال الربوبية، إذ خلق الأعيان والأفعال خيرها وشرها، صالحها وفاسدها، لا يكون إلا للرب، جل وعلا، وإن قامت الأفعال بفاعليها، والأوصاف بموصوفيها، وهو فساد عام لم يسلم منه بر أو بحر، فالجنسية الدالة على استغراق العموم في: "الفساد"، و: "البر"، و: "البحر": مئنة من عظم الخطب، وما ذلك العقاب الرباني إلا فرع عن مخالفة الأمر الإلهي، على ما اطرد مرارا من التلازم الوثيق بين أمر الربوبية النافذ، وأمر الألوهية الشارع، فمتى كان التزام في فعل العبد كان الثواب من فعل الرب، جل وعلا، بإصلاح الأحوال عدلا، ومتى كانت مخالفة في فعل العبد كان العقاب من فعل الرب، جل وعلا، بظهور الفساد عدلا، فالأمر مطرد منعكس، على ما تقرر مرارا من دلالة المنطوق على المعنى طردا، ودلالة المفهوم على معناه عكسا، فالخبر قد أريد به إنشاء الأمر باستدفاع ذلك الفساد ببذل ضد سببه، إذ قد ظهر بما اقترف العباد من الآثام فذلك الطرد، فإذا أقلعوا عنها توبة وإنابة رفعت آثار ذلك الشؤم الذي استجلبته معاصيهم، فآل المعنى إلى: استدفعوا شؤم المعصية بمجانبة مساخط الرب، جل وعلا، واستجلبوا البركة بمباشرة مراضيه، جل وعلا، والتفريق بين المتماثلين أمر لازم لحصول العدل، ومن أحق بهذا الوصف من الرب، جل وعلا، إذ هو فرع عن الحكمة، والله، عز وجل، أحكم الحاكمين، فله كمال الحكمة وكمال ما تفرع عنها من العدل في الأحكام فلا يسوي بين مختلفين، ولا يفرق بين متماثلين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير