تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[مهاجر]ــــــــ[18 - 12 - 2009, 09:31 ص]ـ

قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ:

فجاء التكليف بالإنفاق عقيب بيان اختصاصه جل وعلا بالبسط والقدر، فلا يخشى العبد إقلالا إذ من بيده مقاليد الأمر يخلفه مع ما ادخره له من الأجر.

وذلك قد يحمل على التوكيد للآية السابقة، فيكون من باب الإطناب بالتكرار توكيدا، وقد يقال بأنها للتأسيس لتعلقها يالمؤمنين، بدليل قوله: "من عباده" فذلك تقييد لإطلاق الآية الأولى، فالمشيئة هناك مطلقة، إذ السياق سياق رد على المشركين، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله فلم يناسب أن يذكر التقييد بالعبودية التي تدل على تشريف المعبد بإضافته إلى معبوده إضافة مخلوق إلى خالقه، وإن كانت كل الكائنات له معبدة عبودية الاضطرار بمقتضى القضاء الكوني النافذ، فالعبودية في هذه الآية هي: عبودية الاختيار: عبودية العابدين المنقادين لا العباد الخاضعين كما سبقت الإشارة إلى ذلك في مواضع فبين العبودية الخاصة والعبودية العامة عموم وخصوص وجهي، فالعبودية الاضطرارية أعم من جهة أفرادها، فتشمل كل العباد: مؤمنهم وكافرهم، فالكل خاضع له، جل وعلا، أخص من جهة معناها إذ تزيد عليها العبودية الخاصة معنى: الخضوع الاختياري لا الاضطراري، فالعابد: منقاد اضطرارا بمقتضى الأمر الكوني، منقاد اختيارا لمقتضى الأمر الشرعي، بخلاف العبد إن لم يكن على الطريقة المثلى: فإنه منقاد اضطرارا بالأمر الكوني لا اختيارا للأمر الشرعي إذ قد مرق منه.

فالقيد هنا قد صير الآية ترغيبا للمؤمنين، بدليل التذييل بالخبر الذي أريد به إنشاء الحث على الإنفاق: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)، وقرينة: "يخلفه": تمحض الأمر للمؤمنين دون غيرهم إذ لا يخلف الله، عز وجل، إلا على المؤمنين، وقد يقال بأن الأمر قد توجه إليهم باعتبار: المواجهة، وكونهم محط التكليف بالفروع العملية لقبول المحل لذلك إذ قد صحح صاحبه الأصول العلمية ولا يمنع ذلك دخول غيرهم فيه على القول الصحيح بتكليف الكفار بفروع الشريعة، فهم مطالبون بها وبما لا تصح إلا به من العقد الإيماني الأول، وذلك بخلاف الآية السابقة في حق المشركين فهي رد عليهم، فصار ذلك المبنى اللفظي واحدا وتعددت أغراضه تبعا للسياق الذي ورد فيه، فهو في الأول: رد على المشركين وذلك مظنة الجلال، وفي الثاني: ترغيب للمؤمنين وذلك مظنة الجمال، وتعدد الأغراض على هذا النحو البديع مئنة من بلاغة آي الكتاب العزيز كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله.

وذلك جار مجرى ما سبقت الإشارة إليه في مواضع سابقة من دلالة نحو: "أولئك" على المعنى وضده على سبيل التعاقب بقرينة السياق فهو في بعض: تعظيم ببيان علو المكانة، وفي بعض: تحقير ببيان دنو المكاتة.

ولا مانع من الجمع بين الدلالتين: التوكيدية باللفظ والتأسيسية باعتبار اختلاف متعلق كل، وفي كليهما مئنة من عناية الرب، جل وعلا، بشأن عباده تقديرا للأرزاق: توسيعا وتضييقا، فيوسع على من شاء بفضله ويضيق على من شاء بعدله، وله في كل حكمة جليلة علمها من علمها وجهلها من جهلها، وإنما تدرك العقول من حكمته الباهرة أطرافا تستدل بها على وجوب إفراده بالإلهية، فله كمال الذات والصفات فعلم ذلك ذريعة إلى إفراده بكمال التأله.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[19 - 12 - 2009, 08:35 ص]ـ

ومن سورة فاطر:

الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير