تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[مهاجر]ــــــــ[29 - 01 - 2010, 08:37 ص]ـ

ومن قوله تعالى: (فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (149) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ (150) أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (151) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (152) أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ)

فذلك على حد التهكم من المشركين فالضمير عائد إلى غير مذكور دل عليه السياق كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، والاستفهام إنكاري إبطالي إذ نسبوا الجنس الأدنى إلى الرب، جل وعلا، ونسبوا الجنس الأعلى إلى أنفسهم، ونسبة كليهما إلى الرب، جل وعلا، باطلة، لما فيه من وصف الرب، جل وعلا، بالنقص، فالولادة مظنة الافتقار، وذلك منفي عن الرب، جل وعلا، بداهة، فهو الموجد لكل الكائنات بكلماته الكونيات النافذات، ثم جاء الإطناب في الإبطال: أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ، فنسبة الملائكة إلى جنس الأنوثة قول الكفار، ونسبتهم إلى جنس الذكورة قول الفساق، كما ذكر ذلك أهل العلم، ثم جاء التنبيه بـ: "ألا" الاستفتاحية، شحذا للأذهان لتلقي الإنكار عليهم نسبة الولد إلى الرب، جل وعلا، فذلك من القبح بمكان، إذ هو أيا كان قدر المولود لا ينفك عن نقص يتنزه عنه الرب، جل وعلا، فهو كمال في حق المخلوق لمناسبة نقص خلقته التي يلائمها الولد تأنيسا وتعضيدا، بخلاف كمال وصف الرب المعبود، جل وعلا، الذي لا يلائمه اتخاذ الولد لمعنى النقص الأصيل فيه، كما تقدم، وذلك الإنكار عام لكل من قال باتخاذ الولد، أيا كان جنسه: نوراني أو بشري، وأيا كان قدره ملكا كان أو نبيا، فدلالة الإيجاد قاضية بأنه الموجد لغيره، فكل ما سواه مخلوق، إذ وصف الربوبية مما انفرد به فلا يشاركه فيه أحد من خلقه، والولد يشبه أباه بداهة فهو من جنسة فمن أثبت له الولد فقد أبطل انفراده بوصف الربوبية الذي يتضمن وصف الإيجاد، إذ أثبت له شفيعا من جنسه فللشفيع وصف المشفوع بداهة إذ الولد، كما تقدم، من جنس أبيه، وذلك إبطال صريح لاختصاصه، جل وعلا، بأوصاف الكمال الربانية.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[30 - 01 - 2010, 09:13 ص]ـ

ومن قوله تعالى: (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ)

فذلك من دلالة العناية بالرسل عليهم السلام، وأتباعهم تبع لهم في ذلك، كما في قوله تعالى: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ)، فسبقت الكلمة الكونية النافذة فإضافتها إلى الرب، جل وعلا، إضافة صفة إلى موصوف جمع تعظيما فذلك أليق بسياق النصر للرسل عليهم السلام إذ هو مقام جلال يحسن فيه التعظيم، وأضيف الرسل عليهم السلام بأشرف أوصافهم: العبودية إلى الرب، جل وعلا، إضافة مخلوق إلى خالقه تشريفا. وقد أجملت الكلمة تشويقا إلى بيانها ثم جاء البيان مؤكدا إمعانا في العناية بالرسل عليهم السلام فجاء التوكيد بـ: "إن" وضمير الفصل واللام المزحلقة واسمية الجملة وتعريف جزأيها، ثم جاء ذكر أتباع الرسل بعدهم تعميما لمعنى النصرة، فأضيف الجند الذين هم أتباع الرسل، عليهم السلام، إلى الرب، جل وعلا، على ذات الحد من التعظيم، وأكد المعنى بما تقدم في حق الرسل عليهم السلام، وقد يحمل معنى الجند على سائر جنود الرب، جل وعلا، الملكي والكوني والإنسي ......... إلخ بقرينة إضافة النكرة إلى ضمير الجمع فذلك من صيغ العموم كما قرر الأصوليون.

والنسبة الاسمية لا تكفي وإنما المعتبر هو النسبة الفعلية المؤيدة بتصديق خبر الرسالة وامتثال حكمها في كل صغيرة وكبيرة.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[31 - 01 - 2010, 08:17 ص]ـ

ومن سورة ص:

أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (9) أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ:

فذلك تعريض بعجزهم إذ نفى الاستفهام الإنكاري عنهم ملك خزائن رحمات الرب، جل وعلا، من سائر أجناس النعم الكونية أو الشرعية، فإضافة الرحمة إلى الرب، جل وعلا، من إضافة النكرة إلى المعرفة، وهو نص في العموم، كما تقرر في الأصول، فالرحمة في هذا السياق بمعنى الرحمات، فهي منزلة: منزلة الجنس الأعلى الذي تندرج تحته أجناس النعم عموم، كونية كانت أو شرعية، كما تقدم، وهو أليق في مقام التحدي إظهارا لكمال وصف الرب، جل وعلا، الذي انفرد بإجراء النعم على عباده، فأنزل لهم من السماء نعمة الوحي الشرعية ونعمة الغيث الكونية، وأخرج لهم من الأرض نعمة النبت والزرع، فنعمته قد عمت مكانا وزمانا فلا تنقطع نعمه عن عباده في ليل أو نهار، وذلك داخل في حد دليل العناية، والإضافة في نفس الوقت: إضافة وصف إلى موصوف لو حملت الرحمة على الصفة القائمة بذات الرب، جل وعلا، فعنها تصدر الرحمات المخلوقات من إجراء رزق البدن، وحفظه من الآفات، وشفائه من الأمراض .... إلخ، فتصدر عنها الكلمات التكوينيات لتلك الرحمات، وقد تكون من إضافة المخلوق إلى خالقه تشريفا لو حملت على الرحمات المخلوقة فهي آثار وصف رحمة الرب، جل وعلا، وذلك في مقابل عجزهم عن شيء من ذلك فظهر كمال ربوبيته عناية بخلقه بما أجرى عليهم من النعم والأرزاق، فذلك من تدبيره لكونه، وهو من أخص أوصاف ربوبيته، في مقابل عجزهم عن شيء من ذلك فليس لهم من وصف الربوبية نصيب، فبطل ما ادعاه لهم عبادهم من وصف الألوهية إذ لا يستحق التأله إلا من اتصف بأوصاف الرب، جل وعلا، جلالا، ولذلك ذيل بوصف العزيز، وجمالا فهو الوهاب لسائر النعم فضلا منه وامتنانا، فعم التذييل بالوصفين: مقامي: الجلال والجمال، فحصل منها وصف الكمال للرب الكبير المتعال سبحانه وتعالى وعز وجل.

والله أعلى وأعلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير